للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العَزِيْزِ، قَالَ يَزِيْدُ: سِيْرُوا بِسِيْرَةِ عُمَرَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ، فَأَتَى بِأَرْبَعِيْنَ شَيْخاً شَهِدُوا أَنَّ الخُلَفَاءَ مَا عَلَيْهِم حِسَابٌ وَلاَ عَذَابٌ (١) .

وَقَالَ ابْنُ المَاجِشُوْنِ، وَآخَرُ:

إِنَّ يَزِيْد قَالَ: وَاللهِ مَا عُمَرُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ بِأَحْوَجَ إِلَى اللهِ مِنِّي.

فَأَقَامَ أَرْبَعِيْنَ يَوْماً يَسِيْرُ بِسِيْرَتِهِ، فَتَلَطَّفَتْ حَبَابَةُ، وَغَنَّتْهُ أَبْيَاتاً، فَقَالَ لِلْخَادِمِ:

وَيْحَكَ! قُلْ لِصَاحِبِ الشُّرَطِ يُصَلِّي بِالنَّاسِ.

وَهِيَ الَّتِي أَحَبَّ يَوْماً الخَلْوَةَ مَعَهَا، فَحَذَفَهَا بِعِنَبَةٍ، وَهِيَ تَضْحَكُ، فَوَقَعَتْ فِي فِيْهَا، فَشَرِقَتْ، فَمَاتَتْ، وَبَقِيَتْ عِنْدَهُ حَتَّى أَرْوَحَتْ، وَاغْتَمَّ لَهَا، ثُمَّ زَارَ قَبْرَهَا، وَقَالَ:

فَإِنْ تَسْلُ عَنْكِ النَّفْسُ أَوْ تَدَعِ الصِّبَى ... فَبِاليَأْسِ تَسْلُو عَنْكِ لاَ بِالتَّجَلُّدِ

وَكُلُّ خَلِيْلٍ زَارَنِي فَهُوَ قَائِلٌ: ... مِنَ اجْلِكِ هَذَا هَامَةُ اليَوْمِ أَوْ غَدِ

ثُمَّ رَجَعَ، فَمَا خَرَجَ إِلاَّ عَلَى النَّعْشِ.

وَقِيْلَ: عَاشَ بَعْدَهَا خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْماً.

وَكَانَتْ بَدِيْعَةَ الحُسْنِ، مُجِيْدَةً لِلْغِنَاءِ، لاَمَهُ أَخُوْهُ مَسْلَمَةُ مِنْ شَغَفِهِ بِهَا، وَتَرْكِهِ مَصَالِحَ المُسْلِمِيْنَ، فَمَا أَفَادَ.


(١) إن صح هذا الخبر، ولا إخاله يصح، فإن هؤلاء الشيوخ قد شهدوا زورا وبهتانا، ونقضوا الأحاديث الصحيحة المصرحة أن كل إنسان خليفة أو أميرا أو من عامة الناس سيسأل يوم القيامة عن كل تصرفاته وأعماله، ويحاسب من قبل ربه، ويجازى بما يستحق من نعيم أو عذاب، ففي البخاري ٢ / ٣١٧ و١٣ / ١٠٠، ومسلم (١٨٢٩) من حديث ابن عمر مرفوعا " كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، الامام راع ومسؤول عن رعيته..".
وأخررج البخاري ١٣ / ١١٢، ومسلم (١٤٦٠) من حديث معقل بن يسار سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة " وأخرج أبو داود (٢٩٤٨) والترمذي (١٣٣٢) عن أبي مريم الأزدي رضي الله عنه أنه قال لمعاوية سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " من ولاه الله شيئا من أمور المسلمين فاحتجب دون حاجتهم وخلتهم وفقرهم، احتجب الله دون حاجته وخلته وفقره يوم القيامة " وإسناده صحيح، وصححه الحاكم ٤ / ٩٣، ٩٤، وله شاهد من حديث معاذ بن جبل عند أحمد ٥ / ٢٣٨، ٢٣٩.
وأخرج الترمذي (٢٤١٩) والخطيب البغدادي في " اقتضاء العلم العمل " رقم (١) بسند صحيح عن أبي برزة الاسلمي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تزول قدما عبد حتى يسأل عن عمره فيم أفناه، وعن علمه فيم عمل فيه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه وعن جسمه فيم أبلاه " وله شاهد من حديث معاذ عند الخطيب والبزار والطبراني.