يَمُرُّوْنَ، وَذَلِكَ فِي الغَلَسِ، وَرَجُلٌ يَقُصُّ، فَدَعَا، فَقَالَ: اللَّهُمَّ ارْزُقْنَا رِزْقاً طَيِّباً، وَاسْتَعْمِلْنَا صَالِحاً.
فَقَالَ مَكْحُوْلٌ، وَهُوَ فِي القَوْمِ: إِنَّ اللهَ لاَ يَرْزُقُ إِلاَّ طَيِّباً.
وَرَجَاءُ بنُ حَيْوَةَ، وَعَدِيُّ بنُ عَدِيٍّ نَاحِيَةً، فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: أَسَمِعْتَ؟
قَالَ: نَعَمْ.
فَقِيْلَ لِمَكْحُوْلٍ: إِنَّ رَجَاءً وَعَدِيّاً سَمِعَاكَ.
فَشَقَّ عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللهِ بنُ زَيْدٍ: أَنَا أَكْفِيْكَ رَجَاءً.
فَلَمَّا نَزَلُوا، جَاءَ ابْنُ زَيْدٍ، فَأَجْرَى ذِكْرَ مَكْحُوْلٍ.
فَقَالَ رَجَاءٌ: دَعْهُ عَنْكَ، أَلَيْسَ هُوَ صَاحِبُ الكَلِمَةِ؟
فَقَالَ: مَا تَقُوْلُ - رَحِمَكَ اللهُ - فِي رَجُلٍ قَتَلَ يَهُوْدِياً، فَأَخَذَ مِنْهُ أَلْفَ دِيْنَارٍ، فَكَانَ يَأْكُلُ مِنْهَا حَتَّى مَاتَ: أَرِزْقٌ رَزَقَهُ اللهُ إِيَّاهُ؟
فَقَالَ رَجَاءٌ: كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللهِ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَمَلَةَ لِمَكْحُوْلٍ: يُجَالِسُكَ غَيْلاَنُ؟
فَقَالَ: إِنَّمَا لَنَا مَجْلِسٌ، فَلاَ أَسْتطِيْعُ أَنْ أَقُوْلَ لِهَذَا: قُمْ، وَلِهَذَا: اجْلِسْ.
وَقَالَ رَجَاءُ بنُ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَاصِمِ بنِ رَجَاءٍ، قَالَ:
جَاءَ مَكْحُوْلٌ إِلَى أَبِي، فَقَالَ: يَا أَبَا المِقْدَامِ، إِنَّهُم يُرِيْدُوْنَ دَمِي.
قَالَ: قَدْ حَذَّرْتُكَ القُرَشِيِّيْنَ، وَمُجَالَسَتَهُم، وَلَكِنَّهُم أَدْنَوْكَ، وَقَرَّبُوْكَ، فَحَدَّثْتَهُم بِأَحَادِيْثَ، فَلَمَّا أَفْشَوْهَا عَنْكَ، كَرِهْتَهَا.
فَرَاحَ، فَجَاءَ الَّذِيْنَ يَعِيْبُوْنَهُ، فَذَكَرُوْهُ.
فَقَالَ أَبِي: دَعُوْهُ، فَقَدْ كُنْتُم حَدِيْثاً وَأَنْتُم تُحْسِنُوْنَ ذِكْرَهُ.
قَالَ رَجَاءٌ: قَالَ مَكْحُوْلٌ:
مَا زِلْتُ مُسْتَقِلاًّ بِمَنْ بَغَانِي حَتَّى أَعَانَهُم عَلَيَّ رَجَاءٌ (١) ، وَذَلِكَ أَنَّهُ رَجُلُ أَهْلِ الشَّامِ فِي أَنْفُسِهِم.
قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: كَانَ مَكْحُوْلٌ يَقُوْلُهُ -يَعْنِي: القَدَرَ- وَبَلَغَنَا أَنَّ مَكْحُوْلاً
(١) مضى النص في ترجمة رجاء من هذا الكتاب بلفظ " ما زلت مضطلعا على من ناوأني حتى عاونهم علي رجاء بن حيوة " وعلق المصنف رحمه الله عليه بقوله: قلت: كان ما بينهما فاسدا، وما زال الاقران ينال بعضهم من بعض، ومكحول ورجاء إمامان، فلا يلتفت إلى قول أحد منهما في الآخر.