للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حَرْبٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بنُ حَرْبٍ، قَالاَ:

حَدَّثَنَا حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ البُنَانِيِّ، عَنْ شُعَيْبِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو، قَالَ:

سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ عَمْرٍو يَقُوْلُ:

مَا رُئِيَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَأْكُلُ مُتَّكِئاً، وَلاَ يَطَأُ عَقِبَهُ رَجُلاَنِ (١) .

فَهَذَا شُعَيْبٌ يُخْبِرُ أَنَّهُ سَمِعَ مِنْ عَبْدِ اللهِ.

ثُمَّ إِنَّ أَبَا حَاتِمٍ بنَ حِبَّانَ تَحَرَّجَ مِنْ تَلْيِيْنِ عَمْرِو بنِ شُعَيْبٍ، وَأَدَّاهُ اجْتِهَادُهُ إِلَى تَوْثِيْقِهِ، فَقَالَ:

وَالصَّوَابُ فِي عَمْرِو بنِ شُعَيْبٍ أَنْ يُحَوَّلَ مِنْ هُنَا إِلَى تَارِيْخِ الثِّقَاتِ؛ لأَنَّ عَدَالَتَهُ قَدْ تَقَدَّمَتْ.

فَأَمَّا المَنَاكِيْرُ فِي حَدِيْثِهِ إِذَا كَانَتْ فِي رِوَايَتِهِ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ جَدِّهِ، فَحُكْمُهُ حُكْمُ الثِّقَاتِ إِذَا رَوَوُا المَقَاطِيْعَ وَالمَرَاسِيْلَ بِأَنْ يُتْرَكَ مِنْ حَدِيْثِهِمُ المُرْسَلُ وَالمَقْطُوْعُ، وَيُحْتَجَّ بِالخَبَرِ الصَّحِيْحِ.

فَهَذَا يُوْضِحُ لَكَ أَنَّ الآخَرَ مِنَ الأَمْرَيْنِ عِنْدَ ابْنِ حِبَّانَ: أَنَّ عَمْراً ثِقَةٌ فِي نَفْسِهِ، وَأَنَّ رِوَايَتَهُ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ جَدِّهِ، إِمَّا مُنْقَطِعَةٌ أَوْ مُرْسَلَةٌ، وَلاَ رَيْبَ أَنَّ بَعْضَهَا مِنْ قَبِيْلِ المُسْنَدِ المُتَّصِلِ، وَبَعْضُهَا يَجُوْزُ أَنْ تَكُوْنَ رِوَايَتُهُ وِجَادَةً أَوْ سَمَاعاً، فَهَذَا مَحَلُّ نَظَرٍ وَاحْتِمَالٍ.

وَلَسْنَا مِمَّنْ نَعُدُّ نُسْخَةَ عَمْرٍو، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ جَدِّهِ مِنْ أَقْسَامِ الصَّحِيْحِ الَّذِي لاَ نِزَاعَ فِيْهِ مِنْ أَجْلِ الوِجَادَةِ، وَمِنْ أَجْلِ أَنَّ فِيْهَا مَنَاكِيْرَ.

فَيَنْبَغِي أَنْ يُتَأَمَّلَ حَدِيْثُهُ، وَيَتَحَايَدَ مَا جَاءَ مِنْهُ مُنْكَراً، وَيُرْوَى مَا عَدَا ذَلِكَ فِي السُّنَنِ وَالأَحْكَامِ مُحَسِّنِيْنَ لإِسْنَادِهِ، فَقَدِ احْتَجَّ بِهِ أَئِمَّةٌ كِبَارٌ، وَوَثَّقُوْهُ فِي الجُمْلَةِ، وَتَوَقَّفَ فِيْهِ آخَرُوْنَ قَلِيْلاً، وَمَا عَلِمْتُ أَنَّ أَحَداً تَرَكَهُ.

شَرِيْكٌ: عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو، قَالَ: مَا يُرَغِّبُنِي


(١) رجاله ثقات، وأخرجه أبو داود (٣٧٧٠) وابن ماجه (٢٤٤) من طريق حماد بن سلمة، عن ثابت البناني، عن شعيب بن عبد الله، عن أبيه.
وقوله: لا يطأ عقبه رجلان.
أي: لا يمشي خلفه رجلان فضلا عن الزيادة.