للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال ابن لهيعة، عن أبي الأسود, عن عروة قال: ومكث رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الحج بقية ذي الحجة، والمحرم، وصفر، وإن مشركي قريش أجمعوا أمرهم ومكرهم، على أن يأخذوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإما أن يقتلوه أو يحبسوه أو يخرجوه، فأخبره الله بمكرهم في قوله: {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا} [الأنفال: ٣٠] ، الآية, فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر تحت الليل قِبَل الغار بثور، وعمد عليٌّ فرقد على فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم يواري عنه العيون.

وكذا قال موسى بن عقبة، وزاد: فباتت قريش يختلفون ويأتمرون أيهم يجثم على صاحب الفراش فيوثقه، إلى أن أصبحوا، فإذا هم بعلي -رضي الله عنه- فسألوه عن

النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرهم أنه لا علم له به، فعلموا عند ذلك أنه قد خرج فارا منهم، فركبوا في كل وجه يطلبونه.

وكذا قال ابن إسحاق، وقال: لما أيقنت قريش أن محمدا صلى الله عليه وسلم قد بويع، وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم من كان بمكة من أصحابه أن يلحقوا بإخوانهم بالمدينة، توامروا فيما بينهم فقالوا: الآن، فأجمعوا في أمر محمد فوالله لكأنه قد كر عليكم بالرجال، فأثبتوه أو اقتلوه أو أخرجوه.

فاجتمعوا له في دار الندوة ليقتلوه، فلما دخلوا الدار اعترضهم الشيطان في صورة رجل جميل في بَتٍّ له فقال: أأدخل؟ قالوا: من أنت؟ قال: أنا رجل من أهل نجد، سمع بالذي اجتمعتم له، فأراد أن يحضره معكم فعسى أن لا يعدمكم منه نصح ورأي. قالوا: أجل فادخل. فلما دخل قال بعضهم لبعض: قد كان من الأمر ما قد علمتم، فأجمعوا رأيا في هذا الرجل، فقال قائل: أرى أن تحبسوه. فقال