أَرَأَيْتَ يَوْمَ دَخَلتُ عَلَى الأَحْوَلِ، وَأَنْتَ عِنْدَه، وَالزُّهْرِيُّ يَقدَحُ فِيَّ، أَفَتَحفَظُ مِنْ كَلاَمِه شَيْئاً؟
قُلْتُ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ، أَذْكُرُ يَوْمَ دَخَلتَ وَالغَضَبُ فِي وَجْهِكَ أَعْرِفُهُ.
قَالَ: كَانَ الخَادِمُ الَّذِي رَأَيْتَ عَلَى رَأْسِ هِشَامٍ يَنْقُلُ ذَلِكَ كُلَّه إِلَيَّ، وَأَنَا عَلَى البَابِ قَبْلَ أَنْ أَدخُلَ إِلَيْكُم، وَأَخْبَرَنِي أَنَّكَ لَمْ تَنطِقْ بِشَيْءٍ.
قُلْتُ: نَعَمْ.
قَالَ: قَدْ كُنْتُ عَاهَدتُ اللهَ، لَئِنْ أَمْكَنَنِي اللهُ القُدرَةَ بِمِثْلِ هَذَا اليَوْمِ أَنْ أَقتُلَ الزُّهْرِيَّ.
رَوَاهَا: الوَاقِدِيُّ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيْهِ.
وَقَالَ الوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَخِي الزُّهْرِيِّ، قَالَ:
كَانَ عَمِّي قَدِ اتَّعَدَ هُوَ وَابْنُ هِشَامِ بنِ عَبْدِ المَلِكِ، وَكَانَ الوَلِيْدُ يَتَلَهَّفُ لَوْ قَبَضَ عَلَيْهِ.
الوَلِيْدُ بنُ مُسْلِمٍ: حَدَّثَنَا سَعِيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ، أَنْبَأَنَا الزُّهْرِيُّ، قَالَ لِهِشَامٍ: اقْضِ دَيْنِي.
قَالَ: وَكَم هُوَ؟
قَالَ: ثَمَانِيَةَ عَشَرَ أَلْفَ دِيْنَارٍ.
قَالَ: إِنِّي أَخَافُ إِنْ قَضَيْتُهَا عَنْكَ أَنْ تَعُودَ.
فَقَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (لاَ يُلْدَغُ المُؤْمِنُ مِنْ جُحْرٍ مَرَّتَيْنِ) .
فَقَضَاهَا عَنْهُ.
قَالَ: فَمَا مَاتَ الزُّهْرِيُّ حَتَّى اسْتَدَانَ مِثْلَهَا، فَبِيْعَتْ شَغْبٌ (١) ، فَقُضِيَ دَيْنُه.
العَدَنِيُّ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ:
رَأَيْتُ مَالِكَ بنَ أَنَسٍ، وَعُبَيْدَ اللهِ بنَ عُمَرَ، أَتَيَا الزُّهْرِيَّ بِمَكَّةَ، فَكَلَّمَاهُ يَعرِضَانِ عَلَيْهِ، فَقَالَ الزُّهْرِيُّ: إِنِّي أُرِيْدُ المَدِيْنَةَ وَطَرِيْقِي عَلَيْكُمَا، تَأْتِيَانِ - إِنْ شَاءَ اللهُ -.
قَالَ: وَكَانَ عُبَيْدُ اللهِ هُوَ المُتَكَلِّمَ، وَمَالِكٌ مَعَهُ سَاكِتٌ، وَلَمْ يَسْمَعَا عَلَيْهِ بِمَكَّةَ شَيْئاً.
قَالَ مَعْمَرٌ: أَتَيْتُ الزُّهْرِيَّ بِالرُّصَافَةِ، فَجَالَستُه.
اللَّيْثُ: عَنْ مُعَاوِيَةَ بنِ صَالِحٍ، أَنَّ أَبَا جَبَلَةَ حَدَّثَهُ، قَالَ:
كُنْتُ مَعَ ابْنِ شِهَابٍ فِي سَفَرٍ، فَصَامَ يَوْمَ عَاشُوْرَاءَ، فَقِيْلَ لَهُ: لِمَ تَصُومُ وَأَنْتَ تُفطِرُ فِي رَمَضَانَ فِي السَّفَرِ؟!
قَالَ: إِنَّ رَمَضَانَ لَهُ عِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ، وَإِنَّ عَاشُوْرَاءَ يَفُوْتُ.
(١) قال ياقوت: شغب: ضيعة خلف وادي القرى