للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رأينا منظرا شبها به يومئذ. صحيح.

وقال الوليد بن محمد الموقري وغيره، عن الزهري، قال: فأخبرني عروة أن الزبير كان في ركب تجار بالشام، فقفلوا إلى مكة، فعارضوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر بثياب بياض، وسمع المسلمون بمخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكانوا يغدون كل غداة إلى الحرة فينتظرونه، حتى يردهم نحر الظهيرة، فانقلبوا يوما بعدما أطالوا انتظاره، فلما أووا إلى بيوتهم، أوفى رجل من يهود أطما من آطامهم لشأنه، فبصر برسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه مبيضين يزول بهم السراب فلم يملك اليهودي أن قال بأعلى صوته: يا معشر العريب هذا جدكم الذي تنتظرون، فثار المسلمون إلى السلاح، فلقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بظهر الحرة، فعدل بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات اليمين، حتى نزل في بني عمرو بن عوف من الأنصار، وذلك يوم الإثنين من شهر ربيع الأول، فقام أبو بكر يذكر الناس، وجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم صامتا، فطفق من جاء من الأنصار ممن لم ير رسول الله صلى الله عليه وسلم يحسبه أبا بكر، حتى أصابت الشمس رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأقبل أبو بكر حتى ظلل عليه بردائه، فعرفوا رسول الله عند ذلك، فلبث في بني عمرو بن عوف بضع عشرة ليلة.

وأسس المسجد الذي أسس على التقوى، فصلى فيه، ثم ركب راحلته فسار، فمشى معه الناس، حتى بركت بالمدينة عند مسجده صلى الله عليه وسلم، وهو يصلي فيه يومئذ رجال من المسلمين، وكان مربدا للتمر لسهل وسهيل، غلامين يتيمين أخوين في حجر أسعد بن زرارة من بني النجار، فقال حين بركت به راحلته: "هذا إن شاء الله المنزل". ثم دعا الغلامين فساومهما المربد ليتخذه مسجدا، فقال: بل نهبه لك. فأبى حتى ابتاعه وبناه.