للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إِبْرَاهِيْمَ عَلَى رَجُلٍ بِرَأْيِ رَبِيْعَةَ، فَأَخْبَرْتُه عَنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِخِلاَفِ مَا قَضَى بِهِ.

فَقَالَ سَعْدٌ لِرَبِيْعَةَ: هَذَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، وَهُوَ عِنْدِي ثِقَةٌ، يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِخِلاَفِ مَا قَضَيْتُ بِهِ.

فَقَالَ لَهُ رَبِيْعَةُ: قَدِ اجْتَهَدتَ، وَمَضَى حُكمُكَ.

فَقَالَ سَعْدٌ: وَاعَجَباً! أُنفِذُ قَضَاءَ سَعْدِ بنِ أُمِّ سَعْدٍ، وَأَرُدُّ قَضَاءً قَضَى رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؟! بَلْ أَردُّ قَضَاءَ سَعْدٍ، وَأُنفِذُ قَضَاءَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

وَدَعَا بِكِتَابِ القَضِيَّةِ، فَشَقَّهُ، وَقَضَى لِلْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ.

البُخَارِيُّ: حَدَّثَنِي سَهْلٌ، حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ، أَخْبَرَنِي أَبُو الهَيْثَمِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ حَفْصٍ، قَالَ:

كَانَ سَعْدٌ عِنْدَ ابْنِ هِشَامٍ المَخْزُوْمِيِّ أَمِيْرِ المَدِيْنَةِ، فَاختَصَمَ عِنْدَه يَوْماً وَلَدٌ لِمُحَمَّدِ بنِ مَسْلَمَةَ وَآخَرُ مِنْ بَنِي حَارِثَةَ.

فَقَالَ ابْنُ مُحَمَّدٍ: أَنَا ابْنُ قَاتِلِ كَعْبِ بنِ الأَشْرَفِ.

فَقَالَ الحَارِثِيُّ: أَمَا وَاللهِ مَا قُتِلَ إِلاَّ غَدراً.

فَانْتَظَرَ سَعْدٌ أَنْ يُغَيِّرَهَا الأَمِيْرُ، فَلَمْ يَفْعَلْ حَتَّى قَامَا، فَلَمَّا اسْتُقْضِيَ سَعْدٌ، قَالَ: أُعطِي اللهَ عَهداً لَئِنْ أُفْلِتَ الحَارِثِيُّ مِنْكَ يَقُوْلُ لِمَوْلاَهُ: لأُوْجِعَنَّكَ.

قَالَ شُعْبَةُ: فَصَلَّيْتُ مَعَهُ الصُّبْحَ، ثُمَّ جِئْتُ بِهِ سَعْداً، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهِ سَعْدٌ، شَقَّ القَمِيْصَ، ثُمَّ قَالَ: أَنْتَ القَائِلُ: إِنَّمَا قُتِلَ ابْنُ الأَشْرَفِ غَدراً.

ثُمَّ ضَرَبَه خَمْسِيْنَ وَمائَةَ سَوْطٍ، وَحَلَقَ رَأْسَه وَلِحْيَتَه، وَقَالَ: وَاللهِ لأُقَوِّمَنَّكَ بِالضَّربِ مَا كَانَ لِي عَلَيْكَ سُلْطَانٌ (١) .

وَرَوَى: يَعْقُوْبُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:

دَخلَ نَاسٌ مِنَ القُرَّاءِ يَعُودُوْنَهُ، مِنْهُمُ ابْنُ هُرْمُزَ، وَصَالِحٌ مَوْلَى التَّوْءمَةِ، فَاغْرَوْرَقَتْ عَيْنَا ابْنِ هُرْمُزَ، فَقَالَ لَهُ سَعْدٌ: مَا يُبْكِيْكَ؟

فَقَالَ: وَاللهِ لَكَأَنِّي بِقَائِلَةٍ غَداً تَقُوْلُ: وَاسْعدَاهُ لِلْحَقِّ، وَلاَ سَعْدُ.

قَالَ: وَاللهِ لَئِنْ قُلْتُ ذَاكَ، مَا أَخَذَنِي فِي اللهِ لَوْمَةُ لاَئمٍ مُنْذُ أَرْبَعِيْنَ سَنَةً.

ثُمَّ قَالَ: أَلَيْسَ تَعْلَمُ أَنَّكَ أَحَبُّ خَلْقِه إِلَيَّ -يَعْنِي: القُرْآنَ-.

قَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ سَعْدٍ، وَطَائِفَةٌ: مَاتَ سَعْدٌ سَنَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَةٍ.

وَقَالَ يَعْقُوْبُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، وَخَلِيْفَةُ، وَغَيْرُهُمَا: سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَةٍ.

وَقِيْلَ: سَنَةَ سِتٍّ.


(١) التاريخ الكبير ٤ / ٥١، ٥٢. والزيادات منه.