وقال عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن محمد بن إسحاق، عن يزيد بن رومان، عن عروة قال: قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة، فكان أول راية عقدها راية عبيدة بن الحارث.
وفيها: آخى النبي صلى الله عليه وسلم بين المهاجرين والأنصار، على المواساة والحق.
وقد روى أبو داود الطيالسي، عن سليمان بن معاذ، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين المهاجرين والأنصار، وورث بعضهم من بعض، حتى نزلت:{وَأُولُوا الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ}[الأنفال: ٧٥] .
والسبب في قلة من توفي في هذا العام وما بعده من السنين، أن المسلمين كانوا قليلين بالنسبة إلى من بعدهم فإن الإسلام لم يكن إلا ببعض الحجاز، أو من هاجر إلى الحبشة. وفي خلافة عمر -رضي الله عنه- بل وقبلها انتشر الإسلام في الأقاليم، فبهذا يظهر لك سبب قلة من توفي في صدر الإسلام، وسبب كثرة من توفي في زمان التابعين فمن بعدهم.
وكان في هذا القرب أبو قيس بن الأسلت بن جشم بن وائل الأوسي الشاعر، وكان يعدل بقيس بن الخطيم في الشجاعة والشعر، وكان يحض الأوس على الإسلام، وكان قبل الهجرة يتأله ويدعي الحنيفية، ويحض قريشا على الإسلام، فقال قصيدته المشهورة التي أولها:
أيا راكبا إما عرضت فبلغن ... مغلغلة عني لؤي بن غالب