يُمَيِّزُهَا مَنْ كَانَ يَتَّهِمُه أَنَّهَا عَنْ ثَابِتٍ عَنْهُ؛ لأَنَّهُ قَدْ رَوَى عَنْ أَنَسٍ، وَقَدْ رَوَى عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ أَحَادِيْثَ، فَأَكْثَرُ مَا فِي بَابِه أَنَّ الَّذِي رَوَاهُ عَنْ أَنَسٍ البَعْضُ مِمَّا يُدَلِّسُهُ عَنْ أَنَسٍ، وَقَدْ سَمِعَهُ مِنْ ثَابِتٍ، وَقَدْ دَلَّسَ جَمَاعَةٌ مِنَ الرُّوَاةِ عَنْ مَشَايِخَ قَدْ رَأَوْهُم.
ابْنُ سَعْدٍ: أَنْبَأَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ التَّمِيْمِيُّ، أَخْبَرَنِي أَبُو خَالِدٍ الدَّارِيُّ، عَنْ حَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ، قَالَ:
أَخَذَ إِيَاسُ بنُ مُعَاوِيَةَ بِيَدِي وَأَنَا غُلاَمٌ، فَقَالَ: لاَ تَمُوْتُ أَوْ تَقُصَّ.
أَمَا إِنِّي قَدْ قُلْتُ: هَذَا لَخَالُكَ -يَعْنِي: حُمَيْداً-.
قَالَ: فَمَا مَاتَ حَتَّى قَصَّ.
قَالَ أَبُو خَالِدٍ: فَقُلْتُ لِحَمَّادٍ: فَقَصَصْتَ أَنْتَ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ مُعَاذُ بنُ مُعَاذٍ: قَالَ حُمَيْدٌ لِلْبَتِّيِّ -يَعْنِي: عُثْمَانَ-: إِذَا أَتَاكَ النَّاسُ، فَاحمِلْهُم عَلَى أَمْرٍ وَاحِدٍ، لاَ، وَلَكِن خُذْ مِنْ هَذَا وَمِنْ هَذَا، فَأَصلِحْ بَيْنَهُم.
قَالَ: فَقَالَ البَتِّيُّ: لاَ أُطِيْقُ سِحْرَكَ (١) .
قَالَ: وَكَانَ حُمَيْدٌ مُصْلِحَ أَهْلِ البَصْرَةِ.
وَرَوَى: قُرَيْشُ بنُ أَنَسٍ، عَنْ حَبِيْبِ بنِ الشَّهِيْدِ، قَالَ:
كُنْتُ جَالِساً عَلَى بَابِ خَالِدِ بن بُرْزِيْنَ، إِذْ أَتَاهُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ، فَقَالَ لَهُ إِيَاسٌ:
إِنْ أَرَدْتَ الصُّلحَ، فَعَلَيْكَ بِحُمَيْدٍ الطَّوِيْلِ، تَدْرِي مَا يَقُوْلُ لَكَ؟ يَقُوْلُ لَكَ: اترُكْ شَيْئاً، وَلِصَاحِبِكَ مِثْلُ ذَلِكَ.
قَالَ يَحْيَى القَطَّانُ: مَاتَ حُمَيْدٌ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي، وَمَاتَ عَبَّادُ بنُ مَنْصُوْرٍ وَهُوَ عَلَى بَطْنِ امْرَأَتِه.
(١) والنص موجود في ابن عساكر ٥ / ١٦٨ / ١، دون تغيير ولعله: إذا أتاك الناس فلا تحملهم على أمر واحد..والخبر الذي بعده يوضحه.