للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَالَ مُطَهِّرُ بنُ الحَارِثِ: أَقْبَلْنَا مَعَ إِبْرَاهِيْمَ مِنْ مَكَّةَ نُرِيْدُ البَصْرَةَ، وَنَحْنُ عَشْرَةٌ، فَنَزَلنَا عَلَى يَحْيَى بنِ زِيَادٍ.

وَعَنْ إِبْرَاهِيْمَ، قَالَ: اضْطَّرَنِي الطَّلَبُ بِالمَوْصِلِ، حَتَّى جَلَستُ عَلَى مَوَائِدِ أَبِي جَعْفَرٍ، وَكَانَ قَدْ قَدِمهَا يَطْلُبُنِي، فَتَحَيَّرتُ، وَلَفَظَتْنِي الأَرْضُ، وَضَاقَتْ عَلَيَّ، وَوَضَعَ عَلَيَّ الأَرصَادَ، وَدَعَا يَوْماً النَّاسَ إِلَى غَدَائِهِ، فَدَخَلتُ، وَأَكَلتُ.

وَجَرَتْ لِهَذَا أَلوَانٌ فِي اخْتِفَائِهِ، وَرُبَّمَا يَظفَرُ بِهِ بَعْضُ الأَعْوَانِ، فَيُطلِقُه لِمَا يَعْلَمُ مِنْ ظُلمِ عَدُوِّهُ.

ثُمَّ اخْتَفَى بِالبَصْرَةِ، وَهُوَ يَدْعُو إِلَى نَفْسِهِ، فَاسْتَجَابَ لَهُ خَلقٌ، لِشدَّةِ بُغضِهم فِي أَبِي جَعْفَرٍ.

قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: ظَهَرَ مُحَمَّدٌ، وَغَلَبَ عَلَى الحَرَمَيْنِ، فَوَجَّهَ أَخَاهُ إِبْرَاهِيْمَ إِلَى البَصْرَةِ، فَدَخَلهَا فِي أَوَّلِ رَمَضَانَ، فَغَلَبَ عَلَيْهَا، وَبَيَّضَ أَهْلُهَا، وَرَمَوُا السَّوَادَ، فَخَرَجَ مَعَهُ عِدَّةُ عُلَمَاءٍ.

وَقِيْلَ: لَمَّا قَارَبَ جَمْعُه أَرْبَعَةَ آلاَفٍ، شَهَرَ أَمرَهُ، وَنَزَلَ فِي دَارِ أَبِي مَرْوَانَ النَّيْسَابُوْرِيِّ.

قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ سُفْيَانَ: أَتَيْتُ إِبْرَاهِيْمَ وَهُوَ مَرْعُوْبٌ، فَأَخْبَرتُه بِكِتَابِ أَخِيْهِ، وَأَنَّهُ ظَهَرَ بِالمَدِيْنَةِ، وَيَأمُرُه بِالظُّهُوْرِ، فَوَجَمَ لَهَا، وَاغتَمَّ.

فَأَخَذتُ أُسَهِّلُ عَلَيْهِ، وَأَقُوْلُ: مَعَكَ مضَاءُ التَّغْلِبِيِّ، وَالطُّهَوِيِّ، وَالمُغِيْرَةِ، وَأَنَا، وَنَخرُجُ فِي اللَّيْلِ إِلَى السِّجنِ، فَنَفتَحُهُ، وَيُصبِحُ مَعَكَ خَلقٌ.

فَطَابَتْ نَفْسُه.

وَبَلَغَ المَنْصُوْرَ، فَنَدَبَ جَيْشاً إِلَى البَصْرَةِ، وَسَارَ بِنَفْسِهِ، فَضَبَطَ الكُوْفَةَ، خَوْفاً مِنْ وُثُوْبِ الشِّيْعَةِ.


= التاريخ الصغير: ٢ / ٨٤، الطبري، والكامل، والبداية، في حوادث سنة ١٤٥. الوافي بالوفيات: ٦ / ٣١.