رجلين: رجلا من قريش ومولى لعقبة بن أبي معيط. أما القرشي فانفلت، وأما مولى عقبة فأخذناه فجعلنا نقول له: كم القوم؟ فيقول: هم والله كثير عددهم شديد بأسهم. فجعل المسلمون إذا قال ذلك ضربوه، حتى انتهوا به إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له:"كم القوم"؟ قال: هم كثير عددهم شديد بأسهم، فجهد أن يخبره كم هم فأبى, ثم سأله:"كم ينحرون كل يوم من الجزور"؟ فقال: عشرة. فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم:"القوم ألف، كل جزور بمائة وتبعها".
ثم إنه أصابنا من الليل طش من مطر، فانطلقنا تحت الشجر والحجف نستظل تحتها. وبات رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو ربه ويقول:"اللهم إن تهلك هذه العصابة لا تعبد في
الأرض". فلما طلع الفجر نادى رسول الله صلى الله عليه وسلم:"الصلاة جامعة". فجاء الناس من تحت الشجر والحجف والجرف فصلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وحض على القتال، ثم قال:"إن جمع قريش عند هذه الضلع الحمراء من الجبل". فلما دنا القوم منا وضايقناهم إذا رجل منهم يسير في القوم على جمل أحمر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"يا علي ناد لي حمزة -وكان أقربهم من المشركين- من صاحب الجمل الأحمر؟ وماذا يقول لهم"؟. ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إن يك في القوم أحد يأمر بخير فعسى أن يكون صاحب الجمل الأحمر". فجاء حمزة فقال: هو عتبة بن ربيعة، وهو ينهى عن القتال ويقول: يا قوم إني أرى أقواما مستميتين لا تصلون إليهم وفيكم خير، يا قوم اعصبوها اليوم برأسي وقولوا: جبن عتبة. وقد تعلمون أني لست