كَانَ ابْنُ إِسْحَاقَ مِنْ أَحْفَظِ النَّاسِ، فَكَانَ إِذَا كَانَ عِنْدَ الرَّجُلِ خَمْسَةُ أَحَادِيْثَ أَوْ أَكْثَرُ، فَاسْتَودَعَهَا عِنْدَ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: احْفَظْهَا عَلَيَّ، فَإِنْ نَسِيتُهَا، كُنْتَ قَدْ حَفِظتَهَا عَلَيَّ.
قَالَ الخَلِيْلِيُّ: قَالَ ابْنُ إِدْرِيْسَ الحَافِظُ:
كَيْفَ لاَ يَكُوْنُ ابْنُ إِسْحَاقَ ثِقَةً، وَقَدْ سَمِعَ مِنَ الأَعْرَجِ، وَيَرْوِي عَنْهُ، ثُمَّ يَرْوِي عَنْ: أَبِي الزِّنَادِ، عَنْهُ، ثُمَّ يَرْوِي عَنِ ابْنِ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْهُ؟
ثُمَّ قَالَ الخَلِيْلِيُّ: رَوَى عَنِ: ابْنِ إِسْحَاقَ مِنْ أُسْتَاذَيْهِ: الزُّهْرِيُّ، وَصَالِحُ بنُ كَيْسَانَ، وَعُقَيْلٌ، وَيُوْنُسُ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ: عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ - وَرَأَى ابْنَ إِسْحَاقَ مُقْبِلاً -:
لاَ يَزَالُ بِالحِجَازِ عِلْمٌ كَثِيْرٌ مَا دَامَ هَذَا الأَحْوَلُ.
النُّفَيْلِيُّ: عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ فَائِدٍ، قَالَ:
كُنَّا إِذَا جَلَسْنَا إِلَى مُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ، فَأَخَذَ فِي فَنٍّ مِنَ العِلْمِ، قَضَى مَجْلِسَه فِي ذَلِكَ الفَنِّ.
قُلْتُ: قَدْ كَانَ فِي المَغَازِي عَلاَّمَةً.
قَالَ المَيْمُوْنِيُّ: حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ بِحَدِيْثٍ اسْتَحسَنَهُ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، فَقُلْتُ:
يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ! مَا أَحْسَنَ هَذِهِ القَصَصَ الَّتِي يَجِيْءُ بِهَا ابْنُ إِسْحَاقَ!
فَتَبَسَّمَ إِلَيَّ مُتَعَجِّباً.
ابْنُ المَدِيْنِيِّ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ - وَسُئِلَ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ -: لِمَ لَمْ يَروِ أَهْلُ المَدِيْنَةِ عَنْهُ؟
فَقَالَ: جَالَسْتُ ابْنَ إِسْحَاقَ مُنْذُ بِضْعٍ وَسَبْعِيْنَ سَنَةً، وَمَا يَتَّهِمُهُ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ المَدِيْنَةِ، وَلاَ يَقُوْلُ فِيْهِ شَيْئاً.
فَقُلْتُ لَهُ: كَانَ ابْنُ إِسْحَاقَ يُجَالِسُ فَاطِمَةَ بِنْتَ المُنْذِرِ؟
فَقَالَ: أَخْبَرَنِي أَنَّهَا حَدَّثَتْهُ، وَأَنَّهُ دَخَلَ عَلَيْهَا.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ الذَّهَبِيِّ (١) : هُوَ صَادِقٌ فِي ذَلِكَ بِلاَ رَيْبٍ.
(١) هو المؤلف نفسه، فإن أباه كان يلقب بالذهبي لأنه كان بارعا في صنعة الذهب المدقوق.