عَسِراً، أَعْسَرَ أَهْلِ الدُّنْيَا، إِنْ كَانَ مَعَكَ الكِتَابُ، قَالَ: اقْرَأْهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَكَ كِتَابٌ، فَإِنَّمَا هُوَ حِفْظٌ.
فَقُلْتُ لِيَحْيَى: كَيْفَ كُنْتَ تَصْنَعُ فِيْهِ؟
قَالَ: كُنْتُ أَتَحَفَّظُهَا، وَأَكْتُبُهَا.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الجُوْزَجَانِيُّ: قُلْتُ لأَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ:
فَابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، سَمَاعُهُ مِنَ الزُّهْرِيِّ، أَعَرْضٌ هُوَ؟
قَالَ: لاَ يُبَالِي كَيْفَ كَانَ.
قُلْتُ: كَانَ يُلَيِّنُهُ فِي الزُّهْرِيِّ بِهَذِهِ المَقَالَةِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ بِالمُجَوِّدِ فِي الزُّهْرِيِّ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ الأَبَّارُ: سَأَلْتُ مُصْعَباً عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، فَقَالَ:
مَعَاذَ اللهِ أَنْ يَكُوْنَ قَدَرِيّاً، إِنَّمَا كَانَ فِي زَمَنِ المَهْدِيِّ قَدْ أَخَذُوا أَهْلَ القَدَرِ، وَضَرَبُوْهُم، وَنَفَوْهُم، فَجَاءَ مِنْهُم قَوْمٌ إِلَى ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، فَجَلَسُوا إِلَيْهِ، وَاعْتَصَمُوا بِهِ مِنَ الضَّربِ.
فَقِيْلَ: هُوَ قَدَرِيٌّ لأَجْلِ ذَلِكَ، لقَدْ حَدَّثَنِي مَنْ أَثِقُ بِهِ: مَا تَكَلَّمَ فِيْهِ قَطُّ.
وَجَاءَ عَنْ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ: أَنَّهُ سُئِلَ عَنْهُ، فَوَثَّقَهُ، وَلَمْ يَرضَهُ فِي الزُّهْرِيِّ.
وَقَالَ الفَضْلُ بنُ زِيَادٍ: سُئِلَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ:
أَيُّمَا أَعْجَبُ إِلَيْكَ: ابْنُ عَجْلاَنَ، أَوِ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ؟
فَقَالَ: مَا فِيْهِمَا إِلاَّ ثِقَةٌ.
قَدِمَ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ بَغْدَادَ، فَحَمَلُوا عَنْهُ العِلْمَ، وَأَجَازَه المَهْدِيُّ بِذَهَبٍ جَيِّدٍ، ثُمَّ رُدَّ إِلَى بِلاَدِهِ، فَأَدْرَكَهُ الأَجَلُ بِالكُوْفَةِ غَرِيْباً، وَذَاكَ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَخَمْسِيْنَ وَمائَةٍ.
قَالَ البَغَوِيُّ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ يَقُوْلُ:
كَانَ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ رَجُلاً صَالِحاً، قَوَّالاً بِالحَقِّ، يُشَبَّهُ بِسَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ.
وَكَانَ قَلِيْلَ الحَدِيْثِ.
أَخْبَرَنَا أَبُو الحَسَنِ بنُ البُخَارِيِّ، وَغَيْرُهُ كِتَابَةً، قَالُوا: أَنْبَأَنَا عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ