قدم أبو سفيان على الجهنيين وهو متخوف من المسلمين, فسألهم فأخبروه خبر الراكبين، فقال أبو سفيان: خذوا من بعر بعيريهما. ففته فوجد النوى فقال: هذه علائف أهل يثرب.
فأسرع وبعث رجلا من بني غفار يقال له، ضمضم بن عمرو، إلى قريش أن انفروا فاحموا عيركم من محمد وأصحابه. وكانت عاتكة قد رأت قبل قدوم ضمضم؛ فذكر رؤيا عاتكة،
إلى أن قال: فقدم ضمضم فصاح: يا آل غالب بن فهر انفروا فقد خرج محمد وأهل يثرب يعترضون لأبي سفيان. ففزعوا، وأشفقوا من رؤيا عاتكة، ونفروا على كل صعب وذلول، وقال أبو جهل: أيظن محمد أن يصيب مثل ما أصاب بنخلة؟ سيعلم أنمنع عيرنا أم لا؟
فخرجوا بخمسين وتسعمائة مقاتل، وساقوا مائة فرس, ولم يتركوا كارها للخروج. فأشخصوا العباس بن عبد المطلب، ونوفل بن الحارث، وطالب بن أبي طالب، وأخاه عقيلا، إلى أن نزلوا الجحفة.
فوضع جهيم بن الصلت بن مخرمة المطلبي رأسه فأغفى، ثم نزع فقال لأصحابه: هل رأيتم الفارس الذي وقف علي آنفا. قالوا: لا، إنك مجنون فقال: قد وقف عليَّ فارس فقال: قتل أبو جهل وعتبة وشيبة وزمعة وأبو البختري وأمية بن خلف، فعد جماعة. فقالوا: إنما لعب بك الشيطان. فرفع حديثه إلى أبي جهل، فقال: قد جئتمونا بكذب بني عبد المطلب مع كذب بني هاشم، سترون غدا من يقتل.
وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في طلب العير، فسلك على نقب بني دينار، ورجع حين رجع من ثنية الوداع، فنفر في ثلاثمائة وثلاثة عشر