للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَالَ يَعْقُوْبُ الفَسَوِيُّ فِي (تَارِيْخِهِ) : حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بنُ الكُوْفِيِّ، قَالَ:

قُلْتُ لأَبِي اليَمَانِ: مَا لِي أَسْمَعُكَ إِذَا ذَكَرْتَ صَفْوَانَ بنَ عَمْرٍو، تَقُوْلُ: حَدَّثَنَا صَفْوَانُ، وَإِذَا ذَكَرْتَ أَبَا بَكْرٍ بنَ أَبِي مَرْيَمَ، تَقُوْلُ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَإِذَا ذَكَرْتَ شُعَيْبَ بنَ أَبِي حَمْزَةَ، قُلْتَ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ؟!

فَغَضِبَ، فَلَمَّا سَكَنَ، قَالَ لِي: مَرِضَ شُعَيْبٌ مَرَضَهُ الَّذِي مَاتَ فِيْهِ، فَأَتَاهُ إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَيَّاشٍ، وَبَقِيَّةُ بنُ الوَلِيْدِ، وَمُحَمَّدُ بنُ حِمْيَرٍ فِي رِجَالٍ مِنْ أَهْلِ حِمْصَ، أَنَا أَصْغَرُهُم، فَقَالُوا:

كُنَّا نُحِبُّ أَنْ نَكْتُبَ عَنْكَ، وَكُنْتَ تَمْنَعُنَا، فَدَعَا بِقُفَّةٍ لَهُ، فَقَالَ: مَا فِي هَذِهِ إِلاَّ مَا سَمِعْتُهُ مِنَ الزُّهْرِيِّ، وَكَتَبتُهُ، وَصَحَّحْتُهُ، فَلَمْ يَخْرُجْ مَنْ يَدِي، فَإِنْ أَحبَبْتُم، فَاكتُبُوهَا.

قَالُوا: فَنَقُولُ مَاذَا؟

قَالَ: تَقُوْلُوْنَ: أَنْبَأَنَا شُعَيْبٌ، وَأَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، وَإِنْ أَحبَبْتُم أَنْ تَكْتُبُوهَا عَنِ ابْنِي، فَقَدْ قَرَأْتُهَا عَلَيْهِ.

قَالَ أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ: حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، قَالَ:

دَخَلْنَا عَلَى شُعَيْبٍ حَتَّى احْتُضِرَ، فَقَالَ: هَذِهِ كُتُبِي، فَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَأْخُذَهَا، فَلْيَأْخُذْهَا، وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَعْرِضَ، فَلْيَعرِضْ، وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَسْمَعَ، فَلْيَسْمَعْهَا مِنِ ابْنِي، فَإِنَّهُ سَمِعَهَا مِنِّي.

قُلْتُ: فَهَذَا يَدُلُّكَ عَلَى أَنَّ عَامَّةَ مَا يَرْوِيْهِ أَبُو اليَمَانِ عَنْهُ بِالإِجَازَةِ، وَيُعَبِّرُ عَنْ ذَلِكَ: بِأَخْبَرَنَا، وَرِوَايَاتُ أَبِي اليَمَانِ عَنْهُ ثَابِتَةٌ فِي (الصَّحِيْحَيْنِ) ، وَذَلِكَ بِصِيغَةِ: أَخْبَرَنَا، وَمَنْ رَوَى شَيْئاً مِنَ العِلْمِ بِالإِجَازَةِ عَنْ مِثْلِ شُعَيْبِ بنِ أَبِي حَمْزَةَ، فِي إِتقَانِ كُتُبِهِ وَضَبطِهِ، فَذَلِكَ حُجَّةٌ عِنْدَ المُحَقِّقِيْنَ، مَعَ اشْتِرَاطِ أَنْ يَكُوْنَ الرَّاوِي بِالإِجَازَةِ ثِقَةً، ثَبْتاً أَيْضاً، فَمَتَى فُقِدَ، ضُبِطَ الكِتَابُ المُجَازُ، وَإِتْقَانُهُ، وَتحَرِيْرُهُ، أَوْ إِتقَانُ المُجِيْزِ أَوِ المُجَازُ لَهُ، انحَطَّ المَروِيُّ عَنْ رُتْبَةِ الاحْتِجَاجِ بِهِ، وَمَتَى فُقِدَتِ الصِّفَاتُ كُلُّهَا، لَمْ تَصِحَّ الرِّوَايَةُ عِنْدَ الجُمْهُوْرِ.

وَشُعَيْبٌ -رَحِمَهُ اللهُ- فَقَدْ كَانَتْ كُتُبُهُ نِهَايَةً فِي الحُسْنِ، وَالإِتقَانِ،