أبا اليسر قتل أبا البختري, ويأبى عظم الناس إلا أن المجذر هو الذي قتله. بل قتله أبو داود المازني.
قال: ووجد ابن مسعود أبا جهل مصروعا, بينه وبين المعركة غير كثير, مقنعا في الحديد واضعا سيفه على فخذيه ليس به جرح, ولا يستطيع أن يحرك منه عضوا، وهو منكب ينظر إلى الأرض. فلما رآه ابن مسعود أطاف حوله ليقتله وهو خائف أن يثور إليه، وأبو جهل مقنع بالحديد، فلما أبصره لا يتحرك ظن أنه مثبت جراحا، فأراد أن يضربه بسيفه، فخشي أن لا يغني سيفه شيئا, فأتاه من ورائه, فتناول قائم سيفه فاستله وهو منكب، فرفع عبد الله سابغة البيضة عن قفاه فضربه، فوقع رأسه بين يديه ثم سلبه. فلما نظر إليه إذا هو ليس به جراح، وأبصر في عنقه خدرا, وفي يديه وفي كتفيه كهيئة آثار السياط، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ذلك ضرب الملائكة.
قال: وأذل الله بوقعة بدر رقاب المشركين والمنافقين, فلم يبق بالمدينة منافق ولا يهودي إلا وهو خاضع عنقه لوقعة بدر. وكان ذلك يوم الفرقان؛ يوم فرق الله بين الشرك والإيمان.
وقالت اليهود: تيقنا أنه النبي الذي نجد نعته في التوراة, والله لا يرفع راية بعد اليوم إلا ظهرت.
وأقام أهل مكة على قتلاهم النوح بمكة شهرا.
ثم رجع النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، فدخل من ثنية الوداع.
ونزل القرآن فعرفهم الله نعمته فيما كرهوا من خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بدر، فقال:{كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ}[الأنفال: ٥] ، وثلاث آيات معها.