للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القراء الكبار على الطبقات والأعصار " الذي هو إلى كتاب التراجم أقرب منه إلى القراءات وإن كانت محتوياته غالبا ما تتعلق بموضوع القراءات.

وقد شهد له ابن الجزري بالإحسان فيه (١) ، لذلك سلخه بأجمعه في كتابه " غاية النهاية " كما نص على ذلك في المقدمة (٢) ، ووصفه شمس الدين السخاوي بأنه " كتاب حافل " (٣) .

ومع كل ذلك فإن هذا الوجه من حياة الذهبي العلمية هو أضعف الوجوه وأقلها آثارا.

على أن مكانة الذهبي العلمية وبراعته تظهران في أحسن الوجوه إشراقا وأكثرها تألقا عند دراستنا له محدثا يعنى بهذا الفن، فقد مهر الذهبي في علم الحديث وجمع فيه الكتب الكثيرة " حتى كان أكثر أهل عصره تصنيفا (٤) ".

وقد رأينا إقباله العظيم عليه وشرهه لسماعه، وذلك العدد الضخم من الشيوخ الذين حوتهم معجمات شيوخه الثلاثة، والكتب، والأجزاء، والمجاميع الكثيرة التي قرأها على الشيوخ أكثر من مرة.

وقد فتحت له هذه المعرفة الواسعة آفاقا عظيمة في هذا الفن فاختصر عددا كبيرا من الكتب، وألف عددا أكبر يستبينه الباحث عند إلقائه نظرة على قائمة مؤلفاته في هذا المجال.

كما ألف في مصطلح الحديث كتبا، وخرج التخاريج الكثيرة من الأربعينات، والثلاثينات، والعوالي، والأجزاء، ومعجمات الشيوخ، والمشيخات، وغيرها مما فصلنا القول فيه عند كلامنا على آثاره (٥) .

ومع أن الذهبي قد عاش في عصر غلب عليه الجمود والنقل والتخليص،


(١) " غاية " ٢ / ٧١.
(٢) المصدر نفسه ١ / ٣.
(٣) " الإعلان " ص ٥٦٤.
(٤) ابن حجر: الدرر ٣ / ٤٢٦.
(٥) كتابنا: " الذهبي ومنهجه ": ١٣٩ فما بعد.