للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شَهْوَةُ الحَدِيْثِ، مَا أَخَافُ عَلَيْهِ إِلاَّ مِنْ حُبِّهِ لِلْحَدِيْثِ.

قُلْتُ: حُبُّ ذَاتِ الحَدِيْثِ، وَالعَمَلُ بِهِ للهِ مَطْلُوْبٌ مِنْ زَادِ المَعَادِ، وَحُبُّ رِوَايَتِهِ وَعَوَالِيْه وَالتَّكَثُّرِ بِمَعْرِفَتِهِ مَذْمُوْمٌ مَخُوفٌ، فَهُوَ الَّذِي خَافَ مِنْهُ سُفْيَانُ وَالقَطَّانُ، وَأَهْلُ المرَاقبَةِ، فَإِنَّ كَثِيْراً مِنْ ذَلِكَ وَبَالٌ عَلَى المُحَدِّثِ.

وَرَوَى: مُوْسَى بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مَهْدِيٍّ: أَنَّهُ سَمِعَ أَبَاهُ يَقُوْلُ:

رَأَيتُ الثَّوْرِيَّ فِي النَّوْمِ، فَقُلْتُ: مَا وَجَدْتَ أَفْضَلَ؟

قَالَ: الحَدِيْثَ.

وَقَالَ الفِرْيَابِيُّ: سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: مَا عَملٌ أَفْضَلُ مِنَ الحَدِيْثِ، إِذَا صحَّتِ النِّيَّةُ فِيْهِ.

وَقَالَ ضَمْرَةُ: كَانَ سُفْيَانُ رُبَّمَا حَدَّثَ بِعَسْقَلاَنَ، يَبْتِدِئُهُم يَقُوْلُ: انْفَجَرتِ العُيُونُ! يَعجَبُ مِنْ نَفْسِهِ.

مُهَنَّا بنُ يَحْيَى: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ صَاحِبٌ لَنَا لِسُفْيَانَ: حَدِّثْنَا كَمَا سَمِعْتَ.

فَقَالَ: لاَ وَاللهِ، لاَ سَبِيْلَ إِلَيْهِ، مَا هُوَ إِلاَّ المَعَانِي.

وَقَالَ زَيْدُ بنُ الحُبَابِ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ يَقُوْلُ: إِنْ قُلْتَ: إِنِّي أُحَدِّثُكُم كَمَا سَمِعْتُ، فَلاَ تُصَدِّقُوْنِي.

أَحْمَدُ بنُ سِنَانٍ: حَدَّثَنَا ابْنُ مَهْدِيٍّ، قَالَ:

كُنَّا نَكونُ عِنْدَ سُفْيَانَ، فَكَأَنَّهُ قَدْ أُوقِفَ لِلْحِسَابِ، فَلاَ نَجتَرِئُ أَنْ نُكَلِّمَهُ، فَنُعَرِّضُ بِذِكْرِ الحَدِيْثِ، فَيَذهبُ ذَلِكَ الخُشُوْعُ، فَإِنَّمَا هُوَ حَدَّثَنَا حَدَّثَنَا (١) .

قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: رَأَيتُ سُفْيَانَ بِصَنْعَاءَ يُمْلِي عَلَى صَبِيٍّ، وَيَسْتَمْلِي لَهُ.


(١) هو في " الحلية ": ٦ / ٣٧١، وهو فيه أيضا: ٧ / ٧٣، بلفظ " ... فإنما هو: حدثني حدثني ".