للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَالَ مُصْعَبٌ الزُّبَيْرِيُّ: كَانَ مِنْ عُلَمَاءِ قُرَيْشٍ، وَلاَّهُ المَنْصُوْرُ القَضَاءَ، وَكَانَ خَرَجَ مَعَ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ حَسَنٍ، وَكَانَ عَلَى صَدَقَاتِ أَسدٍ وَطَيِّئٍ، فَقَدِمَ عَلَى مُحَمَّدٍ بِأَرْبَعَةٍ وَعِشْرِيْنَ أَلْفِ دِيْنَارٍ، فَلَمَّا قُتِلَ مُحَمَّدٌ، أُسِرَ ابْنُ أَبِي سَبْرَةَ وَسُجِنَ، ثُمَّ اسْتَعْمَلَ المَنْصُوْرُ جَعْفَرَ بنَ سُلَيْمَانَ عَلَى المَدِيْنَةِ، وَقَالَ لَهُ:

إِنَّ بَيْنَنَا وَبَيْنَ ابْنِ أَبِي سَبْرَةَ رَحِماً، وَقَدْ أَسَاءَ وَأَحْسَنَ، فَأَطلِقْهُ وَأَحْسِنْ جِوَارَهُ.

وَكَانَ الإِحسَانُ أَنَّ عَبْدَ اللهِ بنَ الرَّبِيْعِ الحَارِثِيَّ قَدِمَ المَدِيْنَةَ بَعْدَ مَا شَخَصَ عَنْهَا عِيْسَى بنُ مُوْسَى وَمَعَهُ العَسْكَرُ، فَعَاثُوا بِالمَدِيْنَةِ، وَأَفسَدُوا.

فَوَثَبَ عَلَى الحَارِثِيِّ سُودَانُ المَدِيْنَةِ وَالرَّعَاعُ، فَقَتَلُوا جُنْدَهُ، وَطَردُوهُم، وَنَهبُوا مَتَاعَ الحَارِثِيِّ.

فَخَرَجَ حَتَّى نَزَلَ بِبِئْرِ المُطَّلبِ يُرِيْدُ العِرَاقَ، فَكَسَرَ السُّودَانُ السِّجنَ، وَأَخْرَجُوا ابْنَ أَبِي سَبْرَةَ حَتَّى أَجلَسُوهُ عَلَى المِنْبَرِ، وَأَرَادُوا كَسْرَ قَيْدِهِ، فَقَالَ: لَيْسَ عَلَى ذَا فَوتٍ، دَعُوْنِي حَتَّى أَتَكَلَّمَ.

فَتَكَلَّمَ فِي أَسفَلِ المِنْبَرِ، وَحَذَّرَهُمُ الفِتْنَةَ، وَذَكَّرَهُم مَا كَانُوا فِيْهِ، وَوَصفَ عَفْوَ المَنْصُوْرِ عَنْهُم، وَأَمَرَهُم بِالطَّاعَةِ.

فَأَقْبَلَ النَّاسُ عَلَى كَلاَمِهِ، وَتَجمَّعَ القُرَشِيُّوْنَ، فَخَرَجُوا إِلَى عَبْدِ اللهِ بنِ الرَّبِيْعِ، فَضمِنُوا لَهُ مَا ذَهَبَ لَهُ وَلِجُنْدِهِ.

وَكَانَ قَدْ تَأَمَّرَ عَلَى السُّودَانِ وَثِيقٌ الزَّنْجِيُّ، فَأُمسِكَ، وَقُيِّدَ، وَأَتَى ابْنُ الرَّبِيْعِ، ثُمَّ رَجَعَ ابْنُ أَبِي سَبْرَةَ إِلَى الحَبسِ، حَتَّى قَدِمَ جَعْفَرُ بنُ سُلَيْمَانَ، فَأَطلَقَهُ وَأَكْرَمَهُ، ثُمَّ صَارَ إِلَى المَنْصُوْرِ، فَوَلاَّهُ القَضَاءَ.

قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: عَامَّةُ مَا يَرْوِيْهِ غَيْرُ مَحْفُوْظٍ، وَهُوَ فِي جُمْلَةِ مَنْ يَضَعُ الحَدِيْثَ.

قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: وَلِيَ القَضَاءَ لِمُوْسَى الهَادِي، إِذْ هُوَ وَلِيُّ عَهْدٍ، ثُمَّ وَلِيَ قَضَاءَ مَكَّةَ لزِيَادِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ، وَعَاشَ سِتِّيْنَ سَنَةً، فَلَمَّا مَاتَ، اسْتُقْضِيَ بَعْدَهُ القَاضِي أَبُو يُوْسُفَ.

قَالَ: وَتُوُفِّيَ بِبَغْدَادَ، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّيْنَ وَمائَةٍ.

وَكَذَا وَرَّخَ مَوْتَه: جَمَاعَةٌ.

وَفِي (طَبَقَاتِ) أَبِي إِسْحَاقَ: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِيْنَ، وَهُوَ وَهْمٌ.