ابن إسحاق أيضا وذكر ما دار لعمرو بن العاص مع عمارة بن الوليد من رميه إياه في البحر، وسعي عمرو به إلى النجاشي في وصوله إلى بعض حرمه أو خدمه، وأنه ظهر ذلك في ظهور طيب الملك عليه، وأن الملك دعا بسحرة فسحروه ونفخوا في إحليله. فتبرر ولزم البرية، وهام، حتى وصل إلى موضع رام أهله أخذه فيه، فلما قربوا منه فاضت نفسه فمات.
وقال ابن إسحاق، قال الزهري: حدثت عروة بن الزبير حديث أبي بكر عن أم سلمة، فقال: هل تدري ما قوله: ما أخذ الله مني الرشوة حين رد عليَّ ملكي فآخذ الرشوة فيه, وما أطاع الناس فيَّ فأطيعهم فيه؟ قلت: لا. قال: فإن عائشة حدثتني أن أباه كان ملك قومه، لم يكن له ولد إلا النجاشي. وكان للنجاشي عم، له من صلبه اثنا عشر رجلا، وكانوا أهل بيت
مملكة الحبشة. فقالت الحبشة: لو أنا قتلنا أبا النجاشي وملكنا أخاه لتوارث بنوه ملكه بعده، ولبقيت الحبشة دهرا. قالت: فقتلوه وملكوا أخاه. فنشأ النجاشي مع عمه وكان لبيبا حازما، فغلب على أمر عمه. فلما رأت الحبشة ذلك قالت: إنا نتخوف أن يملكه بعده، ولئن ملك ليقتلنا بأبيه فشموا إلى عمه فقالوا: إما أن تقتل هذا الفتى، وإما أن تخرجه من بين أظهرنا فقال: ويلكم! قتلت أباه بالأمس، وأقتله اليوم؟ بل أخرجه قال: فخرجوا به فباعوه من تاجر بستمائة درهم فانطلق به في سفينة فلما كان العشي هاجت سحابة من سحائب الخريف فخرج عمه يستمطر تحتها فأصابته صاعقة فقتلته. ففزعت الحبشة إلى ولده فإذا هو محمق ليس في ولده خير فمرج