للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العِلْمِ.

وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: مَا كُنْتُ قَدَرِيّاً (١) قَطُّ.

وَسَمِعْتُ رَجُلاً يَقُوْلُ لِسَعِيْدٍ: أَطَالَ اللهُ بَقَاءكَ، فَقَالَ:

بَلْ عَجَّلَ اللهُ بِي إِلَى رَحْمَتِهِ (٢) .

مُحَمَّدُ بنُ بَكَّارٍ البَتَلْهِيُّ: حَدَّثَنَا يَزِيْدُ بنُ عَبْدِ الصَّمَدِ، سَمِعْتُ أَبَا مُسْهِرٍ، سَمِعْتُ سَعِيْدَ بنَ عَبْدِ العَزِيْزِ يَقُوْلُ:

لاَ خَيْرَ فِي الحَيَاةِ إِلاَّ لأَحَدِ رَجُلَيْنِ: صَمْوتٍ وَاعٍ، وَنَاطقٍ عَارِفٍ (٣) .

وَقَالَ عُقْبَةُ بنُ عَلْقَمَةَ البَيْرُوْتِيُّ: حَدَّثَنِي سَعِيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ، قَالَ:

مَنْ أَحْسَنَ، فَلْيَرْجُ الثَّوَابَ، وَمَنْ أَسَاءَ، فَلاَ يَسْتَنْكِرِ الجَزَاءَ، وَمَنْ أَخَذَ عِزّاً بِغَيْرِ حَقٍّ، أَوْرَثَهُ الله ذُلاً بِحَقٍّ، وَمَنْ جَمَعَ مَالاً بِظُلْمٍ، أَوْرَثَهُ اللهُ فَقْراً بِغَيْرِ ظُلْمٍ.


(١) المعتزلة يسمون أصحاب العدل والتوحيد، ويلقبون بالقدرية لانهم أثبتوا للعبد قدرة توجد الفعل بانفرادها واستقلالها دون الله تعالى، ونفوا أن تكون الاشياء بقدر الله وقضائه، والقدرية حدثت في آخر عصر الصحابة، وأصل بدعتهم كما قال شيخ الإسلام كانت من عجز عقولهم عن الايمان بقدر الله، والايمان بأمره ونهيه، ووعده ووعيده، وظنوا أن ذلك ممتنع، وكانوا قد آمنوا بدين الله وأمره ونهيه ووعده ووعيده وظنوا أنه إذا كان كذلك، لم يكن قد علم قبل الامر من يطيع ومن يعصي، لانهم ظنوا أن من علم ما سيكون، لم يحسن منه أن يأمر وهو يعلم أن المأمور يعصيه ولا يطيعه وظنوا أيضا أنه إذا علم أنهم يفسدون لم يحسن أن يخلق من يعلم أنه يفسد، فلما بلغ الصحابة قولهم بإنكار القدر السابق أنكروه إنكارا عظيما، وتبرؤوا منهم، حتى قال عبد الله بن عمر كما في " صحيح مسلم " في أول كتاب الايمان رقم (٨) : " أخبر أولئك أني برئ منهم، وأنهم برآء مني، والذي يحلف به عبد الله بن عمر لو أن لاحدهم مثل أحد ذهبا، فأنفقه، ما قبل الله منه حتى يؤمن بالقدر " وكان أكثر الخوض فيه بالبصرة والشام، وبعضه في المدينة، فصار مقتصدوهم وجمهورهم يقرون بالقدر السابق، وبالكتاب المتقدم، وصار نزاع الناس في الارادة وخلق أفعال العباد، فصاروا في ذلك طائفتين: النفاة، يقولون: لا إرادة إلا بمعنى المشيئة، وهو لم يرد إلا ما أمر به، ولم يخلق شيئا من أفعال العباد، وقابلهم الخائضون في القدر من المجبرة مثل جهم بن صفوان وأمثاله، فقال: ليست الارادة إلا بمعنى المشيئة، والامر والنهي لا يستلزم إرادة، وقالوا: العبد لا فعل له البتة ولا قدرة، بل الله هو الفاعل القادر فقط.
(٢) " الحلية " ٦ / ١٢٥.
(٣) " تهذيب ابن عساكر " ٦ / ١٥٣.