للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ نَصْرٍ، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الحَكَمِ، سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُوْلُ:

قَالَ لِي مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ: صَاحِبُنَا أَعْلَمُ مِنْ صَاحِبِكُم - يُرِيْدُ: أَبَا حَنِيْفَةَ وَمَالِكاً - وَمَا كَانَ لِصَاحِبِكُم أَنْ يَتَكَلَّمَ، وَمَا كَانَ لِصَاحِبِنَا أَنْ يَسكُتَ.

فَغَضِبْتُ، وَقُلْتُ: نَشَدْتُكَ اللهَ مَنْ أَعْلَمُ بِالسُّنَّةِ، مَالِكٌ أَوْ صَاحِبُكُم؟

فَقَالَ: مَالِكٌ، لَكِنْ صَاحِبُنَا أَقْيَسُ.

فَقُلْتُ: نَعَمْ، وَمَالِكٌ أَعْلَمُ بِكِتَابِ اللهِ، وَنَاسِخِهِ وَمَنْسُوْخِه، وَبِسُنَّةِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ أَبِي حَنِيْفَةَ، وَمَنْ كَانَ أَعْلَمَ بِالكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، كَانَ أَوْلَى بِالكَلاَمِ (١) .

قَالَ يُوْنُسُ بنُ عَبْدِ الأَعْلَى: قَالَ لِي الشَّافِعِيُّ:

ذَاكَرْتُ يَوْماً مُحَمَّدَ بنَ الحَسَنِ، وَدَارَ بَيْنَنَا كَلاَمٌ وَاخْتِلاَفٌ، حَتَّى جَعَلتُ أَنْظُرُ إِلَى أَوْدَاجِه تَدِرُّ، وَأَزْرَارِهِ تَتَقَطَّعُ، فَقُلْتُ: نَشَدْتُكَ بِاللهِ، تَعْلَمُ أَنَّ صَاحِبَنَا كَانَ أَعْلَمَ بِكِتَابِ اللهِ؟

قَالَ: اللَّهُمَّ نَعَمْ.

قُلْتُ: وَكَانَ عَالِماً باخْتِلاَفِ الصَّحَابَةِ؟

قَالَ: نَعَمْ.

قَالَ ابْنُ مَهْدِيٍّ: أَئِمَّةُ النَّاسِ فِي زَمَانِهِم أَرْبَعَةٌ: الثَّوْرِيُّ، وَمَالِكٌ، وَالأَوْزَاعِيُّ، وَحَمَّادُ بنُ زَيْدٍ.

وَقَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحَداً أَعقَلَ مِنْ مَالِكٍ (٢) .

يُوْنُسُ بنُ عَبْدِ الأَعْلَى: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، سَمِعْتُ مَالِكاً - وَقَالَ لَهُ ابْنُ القَاسِمِ: لَيْسَ بَعْدَ أَهْلِ المَدِيْنَةِ أَحَدٌ أَعْلَمَ بِالبُيُوْعِ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ - فَقَالَ مَالِكٌ: مَنْ أَيْنَ عَلِمُوا ذَلِكَ؟

قَالَ: مِنْكَ يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ.

فَقَالَ: مَا أَعْلَمُهَا أَنَا، فَكَيْفَ يَعْلَمُوْنَهَا بِي؟


(١) " الانتقاء " ص ٢٤، ٢٥ و" حلية الأولياء " ٦ / ٣٢٩ و" مناقب الشافعي " ص ٢٠١.
(٢) مقدمة " الجرح والتعديل " ١ / ٣١.