للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَبِهِ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَاصِمٍ، سَمِعْتُ سَعِيْدَ بنَ عَبْدِ الجَبَّارِ:

سَمِعْتُ مَالِكاً يَقُوْلُ: رَأيِي فِيْهِم أَنْ يُسْتَتَابُوا، فَإِنْ تَابُوا، وَإِلاَّ قُتِلُوا.

يَعْنِي: القَدَرِيَّةَ (١) .

وَبِهِ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ العُقَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا القَاضِي أَبُو أُمَيَّةَ الغَلاَّبِيُّ، حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بنُ شَبِيْبٍ، حَدَّثَنَا مَهْدِيُّ بنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ:

كُنَّا عِنْدَ مَالِكٍ، فَجَاءهُ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ: {الرَّحْمَنُ عَلَى العَرْشِ اسْتَوَى} [طه: ٥] كَيْفَ اسْتَوَى؟

فَمَا وَجَدَ مَالِكٌ مِنْ شَيْءٍ مَا وَجَدَ مِنْ مَسْأَلَتِهِ، فَنَظَرَ إِلَى الأَرْضِ، وَجَعَلَ يَنْكُتُ بِعُوْدٍ فِي يَدِهِ، حَتَّى عَلاَهُ الرُّحَضَاءُ (٢) ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَه، وَرَمَى بِالعُوْدِ، وَقَالَ: الكَيْفُ مِنْهُ غَيْرُ مَعْقُوْلٍ، وَالاسْتِوَاءُ مِنْهُ غَيْرُ مَجْهُوْلٍ، وَالإِيْمَانُ بِهِ وَاجِبٌ، وَالسُّؤَالُ عَنْهُ بِدْعَةٌ، وَأَظُنُّكَ صَاحِبَ بِدْعَةٍ.

وَأَمَرَ بِهِ، فَأُخْرِجَ (٣) .

قَالَ سَلَمَةُ بنُ شَبِيْبٍ مَرَّةً فِي رِوَايَةِ هَذَا: وَقَالَ لِلسَّائِلِ: إِنِّيْ أَخَافُ أَنْ تَكُوْنَ ضَالاًّ.

وَقَالَ أَبُو الرَّبِيْعِ الرَّشِيْدِيْنِيُّ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ:

كُنَّا عِنْدَ مَالِكٍ،


(١) " الحلية " ٦ / ٣٢٦.
(٢) الرحضاء: العرق إثر الحمى، أو عرق يغسل الجلد كثرة.
(٣) " حلية الأولياء " ٦ / ٣٢٥، ٣٢٦، وهذا هو المذهب الحق في صفات الله سبحاناه، نؤمن بها، ونمرها على ظاهرها اللائق بجلال الله تعالى من غير تحريف، ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير) ، فإن الله أعلم بنفسه من كل أحد، ورسول الله صلى الله عليه وسلم أعلم الخلق، فمتى ورد النص من الكتاب أو السنة الصحيحة بإثبات صفة أو نفيها، فلا يجوز لأحد العدول عنه إلى قياس أو رأي، والكلام في الصفات فرع عن الكلام في الذات، يحتذى فيه حذوه، ويتبع مثاله، فإذا كان إثبات الذات إثبات وجود لا إثبات تكييف، فكذلك إثبات الصفات إثبات وجود لا إثبات تكييف، وهذا هو مذهب السلف المشهود لهم بالفضل والخيرية، كما ثبت عن سيدنا محمد خير البرية، وإليه رجع كثير من المتكلمين المتأخرين كإمام الحرمين الجويني والغزالي، وفخر الدين الرازي.