للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَالَ الحَافِظُ ابْنُ عَدِيٍّ: حَدَّثَنَا أَبُو العَلاَءِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بِمِصْرَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ الصَّبَّاحِ الدُّوْلاَبِيُّ، حَدَّثَنَا نَصْرُ بنُ المُجَدِّرِ، قَالَ:

كُنْتُ شَاهِداً حِيْنَ أُدْخِلَ شَرِيْكٌ، وَمَعَهُ أَبُو أُمَيَّةَ، وَكَانَ أَبُو أُمَيَّةَ رَفَعَ إِلَى المَهْدِيِّ: أَنَّ شَرِيْكاً حَدَّثَهُ عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ سَالِمِ بنِ أَبِي الجَعْدِ، عَنْ ثَوْبَانَ:

أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (اسْتَقِيْمُوا لِقُرَيْشٍ مَا اسْتَقَامُوا لَكُم، فَإِذَا زَاغُوا عَنِ الحَقِّ، فَضَعُوا سُيُوْفَكُم عَلَى عَوَاتِقِكُم، ثُمَّ أَبِيَدُوا خَضْرَاءهُم (١)) .

قَالَ المَهْدِيُّ: أَنْتَ حَدَّثتَ بِهَذَا؟

قَالَ: لاَ.

فَقَالَ أَبُو أُمَيَّةَ: عَلَيَّ المَشْيُ إِلَى بَيْتِ اللهِ، وَكُلُّ مَالِي صَدَقَةٌ، إِنْ لَمْ يَكُنْ حَدَّثَنِي.

فَقَالَ شَرِيْكٌ: وَعَلَيَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُ حَدَّثْتُهُ.

فَكَأَنَّ المَهْدِيَّ رَضِيَ.

فَقَالَ أَبُو أُمَيَّةَ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ! عِنْدَك أَدْهَى العَرَبِ، إِنَّمَا يَعْنِي مِثْلَ الَّذِي عَلَيَّ مِنَ الثِّيَابِ، قُلْ لَهُ يَحلِفُ كَمَا حَلَفتُ.

فَقَالَ: احلِفْ.

فَقَالَ شَرِيْكٌ: قَدْ حَدَّثْتُهُ.

فَقَالَ المَهْدِيُّ: وَيْلِي عَلَى شَارِبِ الخَمْرِ -يَعْنِي: الأَعْمَشَ، وَذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ يَشْرَبُ المُنَصَّفَ (٢) - لَوْ عَلِمتُ مَوْضِعَ قَبْرِهِ، لأَحرَقْتُهُ.


(١) شريك سيئ الحفظ، وسالم بن أبي الجعد لم يسمع من ثوبان، وأخرجه أحمد ٥ / ٢٧٧ من طريق وكيع، عن الأعمش، عن سالم، عن ثوبان مختصرا، وأخرجه الطبراني في " الصغير " ص: ٧٤ من طريق شعبة، عن الأعمش، عن سالم.
وفي الباب عن النعمان بن بشير، ذكره الهيثمي في " مجمع الزوائد " ٥ / ٢٢٨ وقال: رواه الطبراني وفيه من لم أعرفه.
ومعنى الحديث: أطيعوهم ما داموا مستقيمين على الدين وثبتوا على الإسلام.
خضراؤهم: سوادهم، ودهماؤهم.
(٢) المنصف من الشراب: العصير الذي يطبخ حتى يذهب نصفه.
وعلق البخاري في صحيحه ١٠ / ٥٦ في الأشربة: وشرب البراء وأبو جحيفة على النصف.
وقال الحافظ ابن حجر: أما أثر البراء فأخرجه ابن أبي شيبة من رواية عدي بن ثابت عنه، أنه كان يشرب الطلاء على النصف، أي: إذا طبخ فصار على النصف، وأما أثر أبي جحيفة فأخرجه ابن أبي شيبة أيضا من طريق حصين بن عبد الرحمن قال: رأيت أبا جحيفة..فذكر مثله.
ووافق البراء وأبا جحيفة: جرير وأنس، ومن التابعين ابن الحنفية وشريح، وأطبق الجميع على أنه إن كان يسكر حرم.