للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المُنْذِرِ ابْنِ الدَّاخِلِ الأُمَوِيِّ ابْنُ عَمِّ الحَكَمِ، لِمَا عَرَفُوا مِنْ صَلاَحِهِ، وَعَقْلِهِ، وَدِيْنِهِ، فَقَصَدُوْهُ، وَعَرَّفُوهُ بِالأَمْرِ، فَأَبْدَى المَيْلَ إِلَيْهِم، وَالبُشْرَى بِهِم، وَقَالَ لَهُم: أَنْتُمْ أَضْيَافِيَ اللَّيْلَةَ، فَإِنَّ اللَّيْلَ أَسْتَرُ.

وَنَامُوا، وَقَامَ هُوَ إِلَى ابْنِ عَمِّهِ بِجَهْلٍ، فَأَخْبَرَهُ بِشَأْنِهِم، فَاغْتَاظَ لِذَلِكَ، وَقَالَ: جِئْتَ لِسَفْكِ دَمِي أَوْ دِمَائِهِم، وَهُمْ أَعْلاَمٌ، فَمِنْ أَيْنَ نَتَوَصَّلُ إِلَى مَا ذَكَرْتَ؟

فَقَالَ: أَرْسِلْ مَعِيَ مَنْ تَثِقُ بِهِ لِيَتَحَقَّقَ.

فَوَجَّهَ مَنْ أَحَبَّ، فَأَدْخَلَهُم أَحْمَدُ فِي بَيْتِهِ تَحْتَ سِتْرٍ، وَدَخَلَ اللَّيْلُ، وَجَاءَ القَوْمُ، فَقَالَ: خَبِّرُوْنِي مَنْ مَعَكُم؟

فَقَالُوا: فُلاَنٌ الفَقِيْهُ، وَفُلاَنٌ الوَزِيْرُ.

وَعَدُّوا كِبَاراً، وَالكَاتِبُ يَكْتُبُ حَتَّى امْتَلأَ الرَّقُّ، فَمَدَّ أَحَدُهُم يَدَهُ وَرَاءَ السِّتْرِ، فَرَأَى القَوْمَ، فَقَامَ وَقَامُوا، وَقَالُوا: فَعَلْتَهَا يَا عَدُوَّ اللهِ.

فَمَنْ فَرَّ لِحِيْنِهِ، نَجَا، وَمَنْ لاَ، قُبِضَ عَلَيْهِ، فَكَانَ مِمَّنْ فَرَّ: عِيْسَى بنُ دِيْنَارٍ الفَقِيْهُ (١) ، وَيَحْيَى بنُ يَحْيَى الفَقِيْهُ (٢) صَاحِبُ مَالِكٍ، وَقَرَعُوْسُ بنُ العَبَّاسِ الثَّقَفِيُّ (٣) .


(١) هو عيسى بن دينار الغافقي الطليطلي، رحل فسمع من عبد الرحمن بن القاسم العتقي، وصحبه، وعول عليه، وانصرف إلى الأندلس، كان إماما في الفقه على مذهب مالك ابن انس، وعلى طريقة عالية من الزهد والعبادة، وكانت الفتيا تدور عليه، لا يتقدمه في وقته أحد في قرطبة، وبه وبيحيى انتشر علم مالك بالاندلس، وكان يعجبه ترك الرأي والاخذ بالحديث.
توفي سنة اثنتي عشرة ومئتين.
وسيترجمه المؤلف في الجزء العاشر.
(٢) يحيى بن يحيى بن كثير بن وسلاس المصمودي الليثي مولاهم، رحل إلى المشرق، فسمع من مالك بن أنس، و ... ؟ ؟ عيينة، والليث بن سعد، وابن القاسم، وابن وهب، وتفقه بالمدنيين، والمصريين، من أكابر أصحاب مالك بعد انتفاعه بمالك وملازمته، وهو أحد رواة " الموطأ " عن مالك، وروايته هي المطبوعة المتداولة في هذه الاعصار، وصفه ابن عبد البر فقال: كان إمام بلده، المقتدى به، المنظور إليه، المعول عليه، وكان ثقة عاقلا حسن الهدي والسمت، توفي سنة ٢٣٠ هـ وسترد ترجمته في الجزء العاشر.
(٣) هو قرعوس بن العباس بن قرعوس بن عبيد بن منصور بن محمد بن يوسف الثقفي، أحد فقهاء الأندلس، سمع من مالك بن أنس، وابن جريج، والليث، وغيرهم.
كان فاضلا ورعا عالما
بمذهب مالك وأصحابه، لا علم له بالحديث، روى عن مالك " الموطأ " وشيئا من المسائل، توفي =