للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نهاية أكثرها على الأوضاع السياسية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية في الوقت الذي تناولته فأجمل الأوضاع العامة بفقرات قليلة دللت على سعة أفقه التاريخي وقدرته الفائقة على تصوير حقبة كاملة من الزمن وعلى امتداد العالم الإسلامي المترامي الأطراف بعبارة وجيزة.

وهذا أمر لا يتأتى إلا لمن استوعب العصر ودرسه دراسة عميقة بحيث حصل له مثل هذا التصور والفهم العام (١) .

ثم إن هذه المعرفة الرجالية الواسعة مع ما أوتي من ذكاء وإدراك واسعين جعلت منه ناقدا رجاليا ماهرا، تدل على ذلك مؤلفاته في النقد وأصوله والتي من أبرزها كتابه العظيم " ميزان الاعتدال في نقد الرجال " الذي اعتبره معاصروه (٢) ومن جاء بعدهم (٣) من أحسن كتبه وأجلها.

وقد تناوله عدد كبير من الحفاظ والعلماء والمعنيين بالنقد استدراكا وتعقيبا وتلخيصا بحيث قال شمس الدين السخاوي: " وعول عليه من جاء بعده (٤) ".

وللذهبي التفاتات بارعة في أصول النقد، فقد ألف رسالة في " ذكر من يؤتمن قوله في الجرح والتعديل " تكلم فيها على أصول النقد وطبقات النقاد وكيفية أخذ أقوالهم (٥) .

وأورد في مقدمة " الميزان " عبارات الجرح والتعديل من أعلى مراتبها إلى أدناها وبين مدلولاتها في النقد (٦) .

وهو في كتبه يشرح بعض هذه الأصول،


(١) انظر مثلا الذهبي: " تذكرة الحفاظ " ١ / ٧٠، ١٦٠ ١٥٨، ٢٤٤، ٣٢٨، ٢ / ٥٣٠، ٦٢٧ - ٦٢٨، ٤ / ١٢٦٦، ١٤٨٥
(٢) السبكي: " طبقات " ٩ / ١٠٤، الحسيني: " ذيل تذكرة الحفاظ " ص ٣٥
(٣) ابن حجر: " لسان الميزان " ١ / ٤
(٤) " الإعلان " ص ٥٨٧ وانظر كلامنا على الميزان في كتابنا: " الذهبي ومنهجه ": ٢٠١ ١٩٣
(٥) نسخة أيا صوفيا رقم ٢٩٥٣ (٦) " ميزان الاعتدال " ١ / ٤ ٣