للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالجَامِعِيْنَ المُكثرِيْنَ ... مِنَ الجِنَايَةِ وَالغُلُولِ

وضعُوا عُقُوْلَهُمُ مِنَ ... الدُّنْيَا بِمَدْرَجَةِ السُّيولِ

وَلَهَوا بِأَطرَافِ الفُرُوْعِ ... وَأَغْفلُوا عِلْمَ الأُصُوْلِ

وَتَتَبَّعُوا جمْعَ الحُطَامِ ... وَفَارقُوا أَثَرَ الرَّسُوْلِ

وَلَقَدْ رَأَوا غِيْلاَنَ رَيْبِ ... الدَّهْرِ غُولاً بَعْدَ غُولِ

وَفِي (تَارِيْخِ ابْنِ جَرِيْرٍ) بِإِسْنَادٍ: أَنَّ الرَّشِيْدَ قَالَ: وَاللهِ مَا أَدْرِي مَا آمرُ فِي هَذَا العُمَرِيِّ، أَكرَهُ أَنْ أَقدَمَ عَلَيْهِ، وَلَهُ سلَفٌ (١) ، وَإِنِّيْ أُحِبُّ أَنْ أَعْرِفَ رَأْيَهُ فِيْنَا.

فَقَالَ عُمَرُ بنُ بَزِيعٍ، وَالفَضْلُ بنُ الرَّبِيْعِ: نَحْنُ لَهُ.

فَخَرَجَا مِنَ العَرْجِ إِلَى مَوْضِعٍ لَهُ بِالبَادِيَةِ فِي مَسْجِدِهِ، فَأَنَاخَا وَأَتِيَاهُ عَلَى زِيِّ المُلُوْكِ فِي حِشْمَةٍ، فَجَلَسَا إِلَيْهِ، فَقَالاَ:

نَحْنُ رُسُلُ مَنْ وَرَاءنَا مِنَ المَشْرِقِ، يَقُوْلُوْنَ لَكَ: اتَّقِ اللهَ، إِنْ شِئْتَ فَانهضْ.

فَقَالَ: وَيْحَكمَا، فِيْمَنْ، وَلِمَنْ؟

قَالاَ: أَنْتَ.

قَالَ: وَاللهِ مَا أُحبُّ أَنِّي لقِيْتُ اللهَ بِمِحْجَمَةِ دَمِ مُسْلِمٍ، وَإِنَّ لِي مَا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ.

فَلَمَّا أَيِسَا مِنْهُ، قَالاَ:

إِنَّ مَعَنَا عِشْرِيْنَ أَلْفاً تَسْتعِيْنُ بِهَا.

قَالَ: لاَ حَاجَةَ لِي بِهَا.

قَالاَ: أَعْطِهَا مَنْ رَأَيْتَ.

قَالَ: أَعْطِيَاهَا أَنْتُمَا.

فَلَمَّا أَيِسَا مِنْهُ، ذَهَبَا، وَلَحِقَا بِالرَّشِيْدِ، فَحدَّثَاهُ.

فَقَالَ: مَا أُبَالِي مَا صَنَعَ بَعْدَ هَذَا.

فَبَيْنَا العُمَرِيُّ فِي المسعَى، إِذَا بِالرَّشِيْدِ يَسْعَى عَلَى دَابَّةٍ، فَعرضَ لَهُ العُمَرِيُّ، فَأَخَذَ بلجَامِهِ، فَأَهْوَوا إِلَيْهِ، فَكفَّهُمُ الرَّشِيْدُ، وَكلَّمَهُ، فَرَأَيْتُ دُمُوْعَ الرَّشِيْدِ تَسِيْلُ (٢) .

قَالَ يَحْيَى بنُ أَيُّوْبَ العَابِدُ: حَدَّثَنِي بَعْضُ أَصْحَابنَا، قَالَ: كَتَبَ مَالِكٌ


(١) في " تاريخ الطبري " ٨ / ٣٥٤: وله خلف أكرههم.
(٢) " تاريخ الطبري " ٨ / ٣٥٤، ٣٥٥، ونص المؤلف مروي بالمعنى، وفيه اختصار قليل.