عَلِيٌّ عَلَى وَجْهِهِ مَغْشِيّاً عَلَيْهِ، وَبَقِيَ فُضَيْلٌ عِنْدَ الآيَةِ.
فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: وَيْحَكَ أَمَّا عِنْدَكَ مِنَ الخَوْفِ مَا عِنْدَ الفُضَيْلِ وَعَلِيٍّ، فَلَمْ أَزَلْ أَنْتَظِرْ عَلِيّاً، فَمَا أَفَاقَ إِلَى ثلثٍ مِنَ اللَّيْلِ بَقِيَ.
رَوَاهَا: ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَفَّانَ، وَزَادَ: وَبَقِيَ فُضَيْلٌ لاَ يُجَاوِزُ الآيَةَ، ثُمَّ صَلَّى بِنَا صَلاَةَ خَائِفٍ، وَقَالَ: فَمَا أَفَاقَ إِلَى نِصْفٍ مِنَ اللَّيْلِ.
قَالَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا: حَدَّثَنِي عَبْدُ الصَّمَدِ بنُ يَزِيْدَ، عَنْ فُضَيْلِ بنِ عِيَاضٍ قَالَ: بَكَى عَلِيٌّ ابْنِي، فَقُلْتُ: يَا بُنَيَّ! مَا يُبْكِيْكَ؟
قَالَ: أَخَافُ أَلاَّ تَجمَعَنَا القِيَامَةُ (١) .
وَقَالَ لِي ابْنُ المُبَارَكِ: يَا أَبَا عَلِيٍّ! مَا أَحْسَنَ حَالَ مَنِ انْقَطَعَ إِلَى اللهِ.
فَسَمِعَ ذَلِكَ عَلِيٌّ ابْنِي، فَسَقَطَ مَغْشِيّاً عَلَيْهِ.
مُسَدَّدُ بنُ قَطَنٍ: حَدَّثَنَا الدَّوْرَقِيُّ، وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ نُوْحٍ المَرْوَزِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ نَاجِيَةَ، قَالَ: صَلَّيْتُ خَلْفَ الفُضَيْلِ، فَقَرَأَ: {الحَاقَّةُ} فِي الصُّبْحِ، فَلَمَّا بَلَغَ إِلَى قَوْلِهِ: {خُذُوهُ فَغُلُّوهُ} غَلَبَهُ البُكَاءُ، فَسَقَطَ ابْنُهُ عَلِيٌّ مَغْشِيّاً عَلَيْهِ، وَذَكَرَ الحِكَايَةَ.
أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ سَلاَمَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحِيْمِ بنِ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ المُقْرِئُ، أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، حَدَّثَنَا أَبُو يَعْلَى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بنُ يَزِيْدَ، سَمِعْتُ الفُضَيْلَ يَقُوْلُ: أَشْرَفْتُ لَيْلَةً عَلَى عَلِيٍّ، وَهُوَ فِي صحنِ الدَّارِ، وَهُوَ يَقُوْلُ: النَّارُ، وَمتَى الخَلاَصُ مِنَ النَّارِ؟
وَقَالَ لِي: يَا أَبَةِ! سَلِ الَّذِي وَهَبَنِي لَكَ فِي الدُّنْيَا، أَنْ يَهبَنِي لَكَ فِي الآخِرَةِ، ثُمَّ قَالَ: لَمْ يَزَلْ مُنْكَسِرَ القَلْبِ حَزِيْناً.
ثُمَّ بَكَى الفُضَيْلُ، ثُمَّ قَالَ: كَانَ يَسَاعِدُنِي عَلَى الحُزنِ وَالبُكَاءِ، يَا ثمَرَةَ
(١) " حلية الأولياء " ٨ / ٢٩٧، وطبقات الأولياء ": ٢٧٠.