للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَعَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، قَالَ: الوَرَعُ طَلَبُ العِلْمِ الَّذِي بِهِ يُعْرَفُ الوَرَعُ.

رَوَى: سُلَيْمَانُ بنُ أَيُّوْبَ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ بنَ عُيَيْنَةَ يَقُوْلُ: شَهِدْتُ ثَمَانِيْنَ مَوْقِفاً.

وَيُرْوَى: أَنَّ سُفْيَانَ كَانَ يَقُوْلُ فِي كُلِّ مَوْقِفٍ: اللَّهُمَّ لاَ تَجْعَلْهُ آخِرَ العَهدِ مِنْكَ، فَلَمَّا كَانَ العَامُ الَّذِي مَاتَ فِيْهِ، لَمْ يَقُلْ شَيْئاً، وَقَالَ: قَدِ اسْتَحْيَيتُ مِنَ اللهِ -تَعَالَى-.

وَقَدْ كَانَ لِسُفْيَانَ عِدَّةُ إِخْوَةٍ، مِنْهُم: عِمْرَانُ بنُ عُيَيْنَةَ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ عُيَيْنَةَ، وَآدَمُ بنُ عُيَيْنَةَ، وَمُحَمَّدُ بنُ عُيَيْنَةَ، فَهَؤُلاَءِ قَدْ رَوَوُا الحَدِيْثَ.

وَقَدْ كَانَ سُفْيَانُ مَشْهُوْراً بِالتَّدْلِيسِ، عَمَدَ إِلَى أَحَادِيْثَ رُفِعَتْ إِلَيْهِ مِنْ حَدِيْثِ الزُّهْرِيِّ، فَيَحذِفُ اسْمَ مَنْ حَدَّثَهُ وَيُدَلِّسُهَا، إِلاَّ أَنَّهُ لاَ يُدَلِّسُ إِلاَّ عَنْ ثِقَةٍ عِنْدَهُ (١) .

فَأَمَّا مَا بَلَغَنَا عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ القَطَّانِ، أَنَّهُ قَالَ: اشْهَدُوا أَنَّ ابْنَ عُيَيْنَةَ اخْتُلِطَ سَنَةَ سَبْعٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَةٍ، فَهَذَا مُنْكَرٌ مِنَ القَوْلِ، وَلاَ يَصِحُّ، وَلاَ هُوَ بِمُسْتقِيْمٍ، فَإِنَّ يَحْيَى القَطَّانَ مَاتَ فِي صَفَرٍ، سَنَةَ ثَمَانٍ وَتِسْعِيْنَ، مَعَ قُدُوْمِ الوَفْدِ مِنَ الحَجِّ، فَمَنِ الَّذِي أَخْبَرَهُ باخْتِلاَطِ سُفْيَانَ، وَمتَى لَحِقَ أَنْ يَقُوْلَ هَذَا


(١) قال ابن حبان في " صحيحه ": ١٢٢: وأما المدلسون الذين هم ثقات وعدول، فإنا لا نحتج بأخبارهم إلا ما بينوا السماع فيما رووا مثل الثوري، والاعمش، وأبي إسحاق وأضرابهم من الأئمة المتقين، وأهل الورع والدين، لانا متى قبلنا خبر مدلس لم يبين السماع فيه وإن كان ثقة، لزمنا قبول المقاطيع والمراسيل كلها لأنها لا يدرى لعله هذا المدلس دلس هذا الخبر عن ضعيف يهي الخبر بذكره إذا عرف.
اللهم إلا أن يكون المدلس يعلم أنه ما دلس قط إلا عن ثقة، فإذا كان كذلك، قبلت روايته، وإن لم يبين السماع، وهذا ليس في الدنيا إلا سفيان بن عيينة وحده، فإنه كان يدلس، ولا يدلس إلا عن ثقة متقن، ولا يكاد يوجد لسفيان بن عيينة خبر دلس فيه إلا وجد ذلك الخبر بعينه قد بين سماعه عن ثقة مثل نفسه.