للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عُيَيْنَةَ سَنَةَ سَبْعٍ وَتِسْعِيْنَ يَقُوْلُ: عَاصِمٌ، عَنْ زِرٍّ، قَالَ:

أَتَيْتُ صَفْوَانَ بنَ عَسَّالٍ، فَقَالَ: مَا جَاءَ بِكَ؟

قُلْتُ: جِئْتُ ابْتِغَاءَ العِلْمِ.

قَالَ: فَإِنَّ المَلاَئِكَةَ تَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالبِ العِلْمِ، رِضَىً بِمَا يَطْلُبُ.

قُلْتُ: حَكَّ فِي نَفْسِي - أَوْ صَدْرِي - مَسْحٌ عَلَى الخُفَّينِ بَعْدَ الغَائِطِ وَالبَوْلِ، فَهَلْ سَمِعْتَ مِنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي ذَلِكَ شَيْئاً؟

قَالَ: نَعَمْ، كَانَ يَأْمُرُنَا إِذَا كُنَّا سَفَراً، أَوْ مُسَافِرِيْنَ، أَنْ لاَ نَنْزِعَ خِفَافَنَا ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيْهِنَّ، إِلاَّ مِنْ جَنَابَةٍ، لَكِنْ مِنْ غَائِطٍ، أَوْ بَوْلٍ، أَوْ نَوْمٍ (١) .

قُلْتُ: هَلْ سَمِعْتَهُ يَذْكُرُ الهَوَى؟

قَالَ: نَعَمْ، بَيْنَا نَحْنُ مَعَهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي مَسِيْرٍ، إِذْ نَادَاهُ أَعْرَابِيٌّ بصَوْتٍ لَهُ جَهْوَرِيٍّ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ!

فَأَجَابَهُ عَلَى نَحْوٍ مِنْ كَلاَمِهِ: هَاؤُم.

قَالَ: أَرَأَيْتَ رَجُلاً أَحَبَّ قَوْماً، وَلَمَّا يَلْحَقْ بِهِم؟

قَالَ: (المَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ) .

ثُمَّ أَنْشَأَ يُحَدِّثُنَا: أَنَّ مِنْ قِبَلِ المَغْرِبِ بَاباً يَفْتَحُ اللهُ لِلتَّوْبَةِ مَسِيْرَةَ عَرْضِهِ أَرْبَعُوْنَ سَنَةً، فَلاَ يَزَالُ مَفْتُوحاً حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ قِبَلِهِ، وَذَلِكَ قَوْلَهُ تَعَالَى: {يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ} ، الآيَةَ (٢) [الأَنْعَامُ: ١٥٨] .

وَبِهِ: قَالَ ابْنُ عَاصِمٍ: سَمِعْتُ مِنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، وَأَنَا مَحْرَمٌ لِبَعْضِ النِّسَاءِ، وَمَنْ حَجَّ بَعْدِي لَمْ يَرَهُ، مَاتَ: سَنَةَ ثَمَانٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَةٍ.


(١) قال الخطابي: كلمة (لكن) هنا موضوعة للاستدراك: وذلك لأنه تقدمه نفي واستثناء، وهو قوله: " كان يأمرنا ألا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن إلا من جنابة ".
ثم قال: " لكن من بول وغائط ونوم "، فاستدرك ب (لكن) ليعلم أن الرخصة جاءت في هذا النوع من الاحداث دون الجنابة، فإن المسافر الماسح على خفه إذا أجنب كان عليه نزع الخف وغسل الرجل مع سائر البدن، وهذا كما تقول: ما جاءني زيد لكن عمرو، وما رأيت زيدا لكن خالدا.
(٢) إسناده حسن، وأخرجه الترمذي بطوله (٣٥٣٥) و (٣٥٣٦) ، وقال: حسن صحيح، وصححه ابن حبان (٧٩) و (١٧٩) و (٢٥٠٧) وفي الأصل: مسيرة عرضه أربعين، وهو خطأ.