للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اللهِ بِالصَّدَقَةِ، فَمَا تُقُرِّبَ بِمِثْلِهَا.

ثُمَّ رَمَيْتُ بِكِسَائِي، فَقَالَ: هَذَا جُهْدِي، فَتَصَدَّقُوا، حَتَّى جَعَلَتِ المَرْأَةُ تُلْقِي خُرْصَهَا، حَتَّى فَاضَ الكِسَاءُ، ثُمَّ هَطَلَتِ السَّمَاءُ، وَخَرَجُوا فِي الطِّيْنِ، فَدَفَعْتُ إِلَى اللَّيْثِ وَابْنِ لَهِيْعَةَ، فَنَظَرَا إِلَى كَثْرَةِ المَالِ، فَوَكَّلُوا بِهِ الثِّقَاتَ، وَرُحْتُ أَنَا إِلَى الإِسْكَنْدَرِيَّةِ، فَبَيْنَا أَنَا أَطُوْفُ عَلَى حِصْنِهَا، إِذَا رَجُلٌ يَرْمُقُنِي، قُلْتُ: مَا لَكَ؟

قَالَ: أَنْتَ المُتَكَلِّمُ يَوْمَ الجُمُعَةِ؟

قُلْتُ: نَعَمْ.

قَالَ: صِرْتَ فِتْنَةً، قَالُوا: إِنَّكَ الخَضِرُ، دَعَا فَأُجِيْبَ.

قُلْتُ: بَلْ أَنَا العَبْدُ الخَاطِئُ.

فَقَدِمْتُ مِصْرَ، فَأَقْطَعَنِي اللَّيْثُ خَمْسَةَ عَشَرَ فَدَّاناً (١) .

أَبُو دَاوُدَ: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، عَنْ مَنْصُوْرٍ، قَالَ:

قَدِمْتُ مِصْرَ، وَبِهَا قَحْطٌ، فَتَكَلَّمْتُ، فَبَذَلُوا صَدَقَاتٍ كَثِيْرَةً، فَأَتَى بِيَ اللَّيْثُ، فَقَالَ: مَا حَمَلَكَ عَلَى الكَلاَمِ بِغَيْرِ أَمْرٍ؟

قُلْتُ: أَصْلَحَكَ اللهُ، أَعْرِضُ عَلَيْكَ، فَإِنْ كَانَ مَكْرُوْهاً، نَهَيْتَنِي.

قَالَ: تَكَلَّمْ، فَتَكَلَّمْتُ.

قَالَ: قُمْ، لاَ يَحِلُّ أَنْ أَسْمَعَ هَذَا وَحْدِي.

قَالَ: وَأَخْرَجَ لِيَ جَارِيَةً، تُعَدُّ قِيْمَتُهَا ثَلاَثَ مائَةِ دِيْنَارٍ، وَأَلْفَ دِيْنَارٍ، وَقَالَ: لاَ تُعْلِمْ بِهَا ابْنِي، فَتَهُوْنَ عَلَيْهِ (٢) .

أَبُو حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا سُلَيْمُ بنُ مَنْصُوْرٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: أَعْطَانِي اللَّيْثُ أَلفَ دِيْنَارٍ.

وَقَالَ عَلِيُّ بنُ خَشْرَمٍ: سَمِعْتُ مَنْصُوْراً يَقُوْلُ:

المُتَكَلِّمُوْنَ ثَلاَثَةٌ: الحَسَنُ البَصْرِيُّ، وَعَوْنُ بنُ عَبْدِ اللهِ، وَعُمَرُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ (٣) .


(١) الخبر في " تاريخ بغداد " ١٣ / ٧٢، ٧٣، وقوله: " فجعلت المرأة تلقي
خرصها " الخرص: بضم الخاء وكسرها: الحلقة من الذهب والفضة.
(٢) " تاريخ بغداد " ١٣ / ٧٣، ٧٤.
(٣) " تاريخ بغداد " ١٣ / ٧٤.