وَرَوَى: عَبَّاسٌ، عَنْ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ، قَالَ:
كَانَ غُنْدَرٌ يَجْلِسُ عَلَى رَأْسِ المَنَارَةِ، يُفَرِّقُ زَكَاتَه، فَقِيْلَ لَهُ: لِمَ تَفْعَلُ هَذَا؟
قَالَ: أُرَغِّبُ النَّاسَ فِي إِخْرَاجِ الزَّكَاةِ.
فَاشْتَرَى سَمَكاً، وَقَالَ لأَهْلِهِ: أَصْلِحُوهُ.
وَنَام، فَأَكَلَ عِيَالُهُ السَّمَكَ، وَلَطَخُوا يَدَهُ، فَلَمَّا انْتَبَهَ، قَالَ: هَاتُوا السَّمَكَ.
قَالُوا: قَدْ أَكَلتَ.
فَقَالَ: لاَ.
قَالُوا: فَشُمَّ يَدَك.
فَفَعَلَ، ثُمَّ قَالَ: صَدَقْتُم، وَلَكِنْ مَا شَبِعْتُ.
ابْنُ المَرْزُبَانِ: حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ المَرْوَزِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ بِشْرٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بنِ أَيُّوْبَ صَاحِبِ البَصْرِيِّ، قَالَ:
قُلْتُ لِغُنْدَرٍ: إِنَّهُم يُعَظِّمُوْنَ مَا فِيْكَ مِنَ السَّلاَمَةِ.
قَالَ: يَكْذِبُوْنَ عَلَيَّ.
قُلْتُ: فَحَدِّثْنِي بِشَيْءٍ يَصِحُّ مِنْهَا.
قَالَ: صُمْتُ يَوْماً، فَأَكَلتُ فِيْهِ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ نَاسِياً، ثُمَّ أَتْمَمْتُ صَوْمِي.
وَنَقَلَ ابْنُ مَرْوَانَ فِي (المُجَالَسَةِ) ، قَالَ:
حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بنُ أَبِي عُثْمَانَ، سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ يَقُوْلُ:
دَخَلْنَا عَلَى غُنْدَرٍ، فَقَالَ: لاَ أُحَدِّثُكُم بِشَيْءٍ حَتَّى تَجِيْؤُوا مَعِيَ إِلَى السُّوْقِ، وَتَمشُونَ، فَيَرَاكُمُ النَّاسُ، فَيُكْرِمُوْنِي.
قَالَ: فَمَشَيْنَا خَلْفَهُ إِلَى السُّوْقِ، فَجَعَلَ النَّاسُ يَقُوْلُوْنَ لَهُ: مَنْ هَؤُلاَءِ يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ؟
فَيَقُوْلُ: هَؤُلاَءِ أَصْحَابُ الحَدِيْثِ، جَاؤُونِي مِنْ بَغْدَادَ، يَكتُبُوْنَ عَنِّي.
قَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: وَالتَفَتَ غُنْدَرٌ يَوْماً إِلَيَّ، فَقَالَ:
اعْلَمْ أَنِّي مُنْذُ خَمْسِيْنَ سَنَةً أَصُوْمُ يَوْماً، وَأُفْطِرُ يَوْماً.
قُلْتُ: اتَّفَقَ أَربَابُ الصِّحَاحِ عَلَى الاحْتِجَاجِ بِغُنْدَرٍ.
وَكَانَتْ وَفَاتُهُ: فِي ذِي القَعْدَةِ، سَنَةَ ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَةٍ، وَهُوَ فِي عَشْرِ الثَّمَانِيْنَ -رَحِمَهُ اللهُ-.
أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ غَدِيْرٍ الطَّائِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بنُ مُحَمَّدٍ حُضُوْراً،