للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

دَخَلَ عَلَى الأَمِيْنِ مُحَمَّدِ بنِ هَارُوْنَ، فَشَتَمَهُ مُحَمَّدٌ، فَقَالَ: أَخْطَأْتَ، وَكَانَ حَدَّثَ بِهَذَا الحَدِيْثِ: (تَجِيْءُ البَقرَةُ وَآلُ عِمْرَانَ كَأَنَّهُمَا غَمَامَتَانِ تُحَاجَّانِ عَنْ صَاحِبِهِمَا (١)) .

فَقِيْلَ لابْنِ عُلَيَّةَ: أَلَهُمَا لِسَانٌ؟

قَالَ: نَعَمْ.

فَقَالُوا: إِنَّهُ يَقُوْلُ: القُرْآنُ مَخْلُوْقٌ، وَإِنَّمَا غَلِطَ (٢) .

قَالَ الفَضْلُ بنُ زِيَادٍ: سَأَلْتُ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ عَنْ وُهَيْبٍ وَابْنِ عُلَيَّةَ: أَيُّهُمَا أَحَبُّ إِلَيْكَ إِذَا اخْتَلَفَا؟

فَقَالَ: وُهَيْبٌ، وَمَا زَالَ إِسْمَاعِيْلُ وَضِيعاً مِنَ الكَلاَمِ الَّذِي تَكَلَّمَ فِيْهِ، إِلَى أَنْ مَاتَ.

قُلْتُ: أَلَيْسَ قَدْ رَجَعَ وَتَابَ عَلَى رُؤُوْسِ النَّاسِ؟

قَالَ: بَلَى، وَلَكِنْ مَا زَالَ لأَهْلِ الحَدِيْثِ - بَعْدَ كَلاَمِهِ ذَلِكَ - مُبْغِضاً، وَكَانَ لاَ يُنْصِفُ فِي الحَدِيْثِ، كَانَ يُحَدِّثُ بِالشَفَاعَاتِ، وَكَانَ مَعَنَا رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ، يَخْتَلِفُ إِلَى الشُّيُوْخِ، فَأَدخَلَنِي عَلَيْهِ، فَلَمَّا رَآنِي، غَضِبَ، وَقَالَ: مَنْ أَدْخَلَ هَذَا عَلَيَّ (٣) ؟

قُلْتُ: مَعْذُوْرٌ الإِمَامُ أَحْمَدُ فِيْهِ.


(١) أخرجه مسلم (٨٠٤) في صلاة المسافرين: باب فضل قراءة القرآن وسورة البقرة، من طريق الحسن بن علي الحلواني، عن الربيع بن نافع، حدثنا معاوية بن سلام، عن زيد أنه سمع أبا سلام يقول: حدثني أبو أمامة الباهلي، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " اقرؤوا القرآن، فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه، اقرؤوا الزهراوين: البقرة وسورة آل عمران، فإنهما تأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان، أو كأنهما غيايتان، أو كأنهما فرقان من طير صواف، تحاجان عن أصحابهما، اقرؤوا سورة البقرة، فإن أخذها بركة، وتركها حسرة، ولا يستطيعها البطلة ".
وهو في " المسند " ٥ / ٢٤٩.
(٢) " تاريخ بغداد " ٦ / ٢٣٧ من طريق سليمان بن إسحاق الجلاب، قال إبراهيم الحربي.
وقد علق المؤلف في " ميزانه " ١ / ٢١٩ على هذا الخبر فقال: انظر كيف كان الصدر الأول في انكفافهم عن الكلام، فإنه لو قال أيضا يتكلم بلا لسان لخطؤوه، والله تعالى يقول: (ولا تقف ما ليس لك به علم) ، ومن الناس من يقول: يجئ ثواب البقرة وآل عمران.
وابن علية فقد تاب ولزم السكوت.
(٣) " تاريخ بغداد " ٦ / ٢٣٨، ٢٣٩.