للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قُلْتُ: هَذِهِ عِبَادَةٌ يُخضَعُ لَهَا، وَلَكِنَّهَا مِنْ مِثْلِ إِمَامٍ مِنَ الأَئِمَّةِ الأَثَرِيَّةِ مَفضُولَةٌ، فَقَدْ صَحَّ نَهْيُه - عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ - عَنْ صَومِ الدَّهْرِ (١) ، وَصَحَّ أَنَّهُ نَهَى أَنْ يُقْرَأَ القُرْآنُ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلاَثٍ (٢) ، وَالدِّيْنُ يُسْرٌ، وَمُتَابَعَةُ السُّنَّةِ أَوْلَى، فَرَضِيَ اللهُ عَنْ وَكِيْعٍ، وَأَيْنَ مِثْلُ وَكِيْعٍ؟!

وَمَعَ هَذَا فَكَانَ مُلاَزِماً لِشُرْبِ نَبِيذِ الكُوْفَةِ الَّذِي يُسكِرُ الإِكثَارُ مِنْهُ، فَكَانَ مُتَأَوِّلاً فِي شُرْبِهِ، وَلَوْ تَرَكَهُ تَوَرُّعاً، لَكَانَ أَوْلَى بِهِ، فَإِنَّ مَنْ تَوَقَّى الشُّبَهَاتِ، فَقَدِ اسْتَبرَأَ لِدِيْنِه وَعِرْضِهِ (٣) ، وَقَدْ صَحَّ النَّهْيُ وَالتَّحرِيْمُ لِلنَّبِيذِ المَذْكُوْرِ (٤) ، وَلَيْسَ هَذَا


(١) وردت أحاديث كثيرة في النهي عن صوم الدهر، انظر " شرح السنة " ٦ / ٣٦٢، و" جامع الأصول " ٦ / ٣٥٢.
(٢) أخرجه البخاري ٤ / ١٩٥ من حديث مغيرة، عن مجاهد، عن عبد الله بن عمرو، وفيه: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " اقرأ القرآن في كل شهر " فقال: إني أطيق أكثر من ذلك، فما زال حتى قال: " في ثلاث ".
وفيه أيضا ٩ / ٨٤ في فضائل القرآن: باب في كم يقرأ القرآن، ومسلم (١١٥٩) (١٨٢) : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعبد الله بن عمرو: " اقرأه في سبع، ولا تزد على ذلك ".
(٣) هو جزء من حديث صحيح، رواه البخاري ١ / ١١٦، ١١٩ في الايمان: باب فضل من استبرأ لدينه، وفي البيوع: باب الحلال بين والحرام بين، ومسلم (١٥٩٩) في المساقات: باب لعن آكل الربا ومؤكله.
(٤) فقد أخرج أبو داود (٣٦٨١) في الاشربة: باب النهي عن المسكر، والترمذي (١٨٦٦) في الاشربة: باب ما جاء كل مسكر حرام، كلاهما عن قتيبة، حدثنا إسماعيل بن جعفر، عن بكر بن داود بن أبي الفرات، عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما أسكر كثيره فقليله حرام ".
وهذا إسناد قوي، وحسنه الترمذي، وصححه ابن حبان (١٣٨٥) ، وأخرجه ابن ماجة (٣٣٩٣) من طريق عبد الرحمن بن إبراهيم، عن أنس بن عياض، عن داود بن بكر بهذا الإسناد، وفي الباب عن ابن عمر عند ابن ماجة (٣٣٩٢) ، وعن عبد الله بن عمرو عنده أيضا (٣٣٩٤) ، وأخرج مالك في " الموطأ " ٢ / ٨٤٥ باب تحريم الخمر، ومن طريقه البخاري ١٠ / ٣٥ في الاشربة: باب الخمر من العسل وهو
البتع، ومسلم (٢٠٠١) في الاشربة: باب بيان أن كل مسكر خمر، عن ابن شهاب الزهري، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البتع فقال: " كل شراب أسكر حرام ".
وأخرج أحمد ٤ / ٢٦٧، وأبو داود (٣٦٧٦) ، والترمذي (١٣٧٨) عن النعمان بن بشير، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن من العنب خمرا، وإن من التمر خمرا، وأن من العسل خمرا، وإن من البر خمرا، وإن من الشعير خمرا " وفي =