للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَالَ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ: كُنَّا عِنْدَ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ، فَقَرَأَ رَجُلٌ سُوْرَةَ الدُّخَانِ، فَصَعِقَ يَحْيَى، وَغُشِيَ عَلَيْهِ.

قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: لَوْ قَدِرَ أَحَدٌ أَنْ يَدْفَعَ هَذَا عَنْ نَفْسِهِ، لَدَفَعَهُ يَحْيَى -يَعْنِي: الصَّعْقَ-.

قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ: مَا أَعْلَمُ أَنِّي رَأَيْتُ جَدِّي قَهْقَهَ قَطُّ، وَلاَ دَخَلَ حَمَّاماً قَطُّ، وَلاَ اكْتَحَلَ، وَلاَ ادَّهَنَ.

عَبَّاسٌ الدُّوْرِيُّ: عَنْ يَحْيَى، قَالَ:

كَانَ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ إِذَا قُرِئ عِنْدَهُ القُرْآنُ، سَقَطَ حَتَّى يُصِيْبَ وَجْهُهُ الأَرْضَ.

وَقَالَ: مَا دَخَلْتُ كَنِيْفاً قَطُّ، إِلاَّ وَمَعِيَ امْرَأَةٌ -يَعْنِي: مَنْ ضَعْفِ قَلْبِهِ-.

قَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: جَعَلَ جَارٌ لَهُ يَشتِمُهُ، وَيَقَعُ فِيْهِ، وَيَقُوْلُ: هَذَا الخُوْزِيُّ، وَنَحْنُ فِي المَسْجَدِ.

قَالَ: فَجَعَلَ يَبْكِي، وَيَقُوْلُ: صَدَقَ، وَمَنْ أَنَا؟ وَمَا أَنَا؟

قَالَ ابْنُ مَعِيْنٍ: وَكَانَ يَحْيَى يَجِيْءُ مَعَهُ بِمِسْبَاحٍ، فَيُدْخِلُ يَدَهُ فِي ثِيَابِهِ، فَيُسَبِّحُ.

قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَهْدِيٍّ: اخْتَلَفُوا يَوْماً عِنْد شُعْبَةَ، فَقَالُوا لَهُ: اجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ حَكَماً.

قَالَ: قَدْ رَضِيْتُ بِالأَحْوَلِ -يَعْنِي: القَطَّانَ-.

فَجَاءَ، فَقضَى عَلَى شُعْبَةَ.

فَقَالَ شُعْبَةُ: وَمَنْ يُطِيْقُ نَقْدَكَ يَا أَحْوَلُ (١) ؟!

قَالَ ابْنُ سَعِيْدٍ: كَانَ يَحْيَى ثِقَةً، مَأْمُوْناً، رَفِيْعاً، حُجَّةً.


(١) " مقدمة الجرح والتعديل ": ٢٣٢، وشرح علل الترمذي ١ / ١٩٢، وعلق عليه ابن أبي حاتم، فقال: هذه غاية المنزلة إذ اختاره شعبة من بين أهل العلم، ثم بلغ من دالته بنفسه، وصلابته في دينه أن قضى على شعبة.