للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَالَ شَاذُّ بنُ يَحْيَى: قَالَ يَحْيَى القَطَّانُ:

مَنْ قَالَ: إِنَّ {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ} مَخْلُوْقٌ، فَهُوَ زِنْدِيْقٌ، وَاللهِ الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ.

قَالَ أَبُو حَفْصٍ الفَلاَّسُ: كَانَ هِجِّيْرَى (١) يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ إِذَا سَكَتَ ثُمَّ تَكَلَّمَ يَقُوْلُ: يُحْيِي وَيُمِيتُ وَإِلَيْهِ المَصِيْرُ.

وَقُلْتُ لَهُ فِي مَرَضِهِ: يُعَافِيْكَ اللهُ - إِنْ شَاءَ اللهُ -.

فَقَالَ: أَحَبُّهُ إِلَيَّ، أَحَبُّهُ إِلَى اللهِ.

قَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: إِذَا اخْتَلَفَ ابْنُ المُبَارَكِ، وَيَحْيَى القَطَّانُ، وَابْنُ عُيَيْنَةَ فِي حَدِيْثٍ، آخُذُ بِقَوْلِ يَحْيَى (٢) .


= اللفظ يؤدي المعنى المراد، فهذا لا يوافقه عليه أحد من أئمة المسلمين لا سلفا ولا خلفا، فإن القرآن لفظه ومعناه من الله، والقراءة سنة متبعة، وأمر توفيقي أنزلت على النبي صلى الله عليه وسلم، وتلقاها عنه أصحابه، فليس لأحد أن يقرأ حرفا لم يؤثر عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولو كان المعنى صحيحا، وأما إذا كان مقصوده أنه يسع الإنسان أن يقرأ القرآن بالوجوه المختلفة الثابتة عند القراء، فهذا سائغ لا حرج فيه إن كان عنده علم بذلك.
وأما إصابة المعنى في رواية الحديث بتغيير اللفظ، فقد ذكر الرامهرمزي في " المحدث الفاصل " ٥٢٩، ٥٣٠ أن أهل العلم من نقلة الاخبار يختلفون فيه، فمنهم من يرى اتباع اللفظ، ومنهم من يتجوز في ذلك إذا أصاب المعنى، وقد دل قول الشافعي في صفة المحدث مع رعاية اتباع اللفظ على أنه يسوغ للمحدث أن يأتي بالمعنى دون اللفظ إذا كان عالما بلغات العرب، ووجوه خطابها، بصيرا بالمعاني والفقه، عالما بما يحيل المعنى وما لا يحيله، فإنه إذا كان بهذه الصفة، جاز له نقل اللفظ، فإنه يحترز بالفهم عن تغيير المعاني وإزالة أحكامها، ومن لم يكن بهذه الصفة، كان أداء اللفظ له لازما، والعدول عن هيئة ما يسمعه عليه محظورا، وإلى هذا رأيت الفقهاء من أهل العلم يذهبون، ومن الحجة لمن ذهب إلى اتباع اللفظ قوله صلى الله عليه وسلم: " نضر الله امرءا سمع منا حديثا، فحفظه حتى يبلغه " وفي رواية: " فوعاها، فأداها كما وعاها " وهو حديث
صحيح أخرجه الشافعي ١ / ١٤٠، والدارمي ١ / ٧٤، ٧٥، والترمذي (٢٦٥٨) و (٢٦٥٩) و (٢٦٦٠) وابن ماجة (٢٣١) و (٢٣٢) ، ومن الذين حظروا رواية الحديث بالمعنى ولو لم يزد في لفظه: ابن عمر، والقاسم بن محمد، وابن سيرين، ورجاء بن حيوة، ومالك بن أنس، وابن علية، ويزيد بن زريع، ووهيب، وبه قال أحمد، وانظر " توجيه النظر " للشيخ طاهر الجزائري ص: ٢٩٨ - ٣١٤، فقد استوفى الأقوال والأدلة في هذه المسألة.
(١) أي: كان دأبه وعادته.
(٢) مقدمة الجرح والتعديل: ٢٣٤.