للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَقَالَ يَحْيَى لَمَّا رَآهُ: ادْخُلُوا.

فَدَخَلْنَا، فَقَالَ لِلرُّوْبِيِّ: اقْرَأْ.

فَلَمَّا أَخَذَ فِي القِرَاءةِ، نَظَرْتُ إِلَى يَحْيَى يَتَغَيَّرُ، حَتَّى بَلَغَ: {إِنَّ يَوْمَ الفَصْلِ مِيْقَاتُهُم أَجْمَعِيْنَ} [الدُّخَانُ: ٤٠] صَعِقَ يَحْيَى، وَغُشِيَ عَلَيْهِ، وَارتَفَعَ صَوْتُهُ، وَكَانَ بَابٌ قَرِيْبٌ مِنْهُ، فَانقَلْبَ، فَأَصَابَ البَابُ فَقَارَ ظَهْرِهِ، وَسَالَ الدَّمُ، فَصَرَخَ النِّسَاءُ، وَخَرَجْنَا، فَوَقَفْنَا بِالبَابِ، حَتَّى أَفَاقَ بَعْدَ كَذَا وَكَذَا، ثُمَّ دَخَلْنَا عَلَيْهِ، فَإِذَا هُوَ نَائِمٌ عَلَى فِرَاشِهِ وَهُوَ يَقُوْلُ: {إِنَّ يَوْمَ الفَصْلِ مِيْقَاتُهُم أَجْمَعِيْنَ} ، فَمَا زَالتْ فِيْهِ تِلْكَ القَرْحَةُ حَتَّى مَاتَ -رَحِمَهُ اللهُ-.

وَرَوَى: أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ العَنْبَرِيُّ، عَنْ زُهَيْرٍ البَابِيِّ

، قَالَ: رَأَيْتُ يَحْيَى القَطَّانَ فِي النَّومِ، عَلَيْهِ قمِيْصٌ بَيْنَ كَتِفَيْهِ، مَكْتُوْبٌ: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ، كِتَابٌ مِنَ اللهِ العَزِيْزِ العَلِيْمِ، بَرَاءةٌ لِيَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ القَطَّانِ مِنَ النَّارِ.

وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ خَلاَّدٍ البَاهِلِيُّ: عَنْ يَحْيَى القَطَّانِ، قَالَ:

كُنْتُ إِذَا أَخطَأْتُ، قَالَ لِي سُفْيَانُ: أَخطَأْتَ يَا يَحْيَى، فَحَدَّثَ يَوْماً عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ:

قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (الَّذِي يَشْرَبُ فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالفِضَّةِ، إِنَّمَا يُجَرْجِرُ (١) فِي بَطنِهِ نَارَ جَهَنَّمَ) .

فَقُلْتُ: أَخطَأْتَ يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ.

قَالَ: وَكَيْفَ هُوَ؟

قُلْتُ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ زَيْدِ بنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، عَنِ النَّبِيِّ (٢) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

قَالَ: صَدَقْتَ يَا يَحْيَى، اعْرِضْ عَلَيَّ


(١) أي: يحدر في جوفه، فجعل للشرب جرجرة، وهي وقوع صوت الماء في الجوف، وقيل: هي تردده فيه.
(٢) أخرجه مسلم (٢٠٦٥) في أول اللباس من طريق علي بن مسهر، عن عبيد الله بهذا الإسناد، وأخرجه مالك ٢ / ٩٢٤، ٩٢٥، في صفة النبي صلى الله عليه وسلم: باب ما جاء في معى الكافر، =