للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ الجُلُوْسَ إِلَى ذِي هَوَىً، أَوْ ذِي رَأْيٍ.

وَقَالَ رُسْتَه: قَامَ ابْنُ مَهْدِيٍّ مِنَ المَجْلِسِ، وَتَبِعَهُ النَّاسُ، فَقَالَ:

يَا قَوْمُ! لاَ تَطَؤُنَّ عَقِبِي، وَلاَ تَمْشُنَّ خَلْفِي، حَدَّثَنَا أَبُو الأَشْهَبِ، عَنِ الحَسَنِ، قَالَ عِمْرَانُ: خَفْقُ النِّعَالِ خَلْفَ الأَحْمَقِ قَلَّ مَا يُبقِي مِنْ دِيْنِهِ (١) .

قَالَ رُسْتَه: سَأَلْتُ ابْنَ مَهْدِيٍّ عَنِ الرَّجُلِ يَتَمَنَّى المَوْتَ مَخَافَةَ الفِتْنَةِ عَلَى دِيْنِهِ؟

قَالَ: مَا أَرَى بِذَلِكَ بَأْساً، لَكِنْ لاَ يَتَمَنَّاهُ مَنْ ضُرٍّ بِهِ، أَوْ فَاقَةٍ، تَمَنَّى المَوْتَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَمَنْ دُوْنَهُمَا (٢) .

وَسَمِعْتُ ابْنَ مَهْدِيٍّ يَقُوْلُ:

قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (دَعْ مَا يَرِيْبُكَ إِلَى مَا لاَ يَرِيْبُكَ (٣)) .

فَقُلْتُ: الآمِرُ رَجُلٌ.

فَقَالَ: خُذْ بِمَا لاَ يَرِيْبُكَ حَتَّى لاَ يُصِيْبَكَ مَا يَرِيْبُكَ -يَعْنِي: الحِيَلَ-.

وَبَلَغَنَا عَنِ ابْنِ مَهْدِيٍّ، قَالَ: مَا هُوَ -يَعْنِي: الغَرَامَ بِطَلَبِ الحَدِيْثِ- إِلاَّ مِثْلُ لَعِبِ الحَمَامِ، وَنِطَاحِ الكِبَاشِ.

قُلْتُ: صَدَقَ -وَاللهِ- إِلاَّ لِمَنْ أَرَادَ بِهِ اللهَ، وَقَلِيْلٌ مَا هُم.

أَخْبَرَنَا أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بنُ عَبْدِ المُنْعِمِ (٤) ، أَخْبَرَنَا القَاضِي جَمَالُ الدِّيْنِ


(١) الخبر في " حلية الأولياء " ٩ / ١٢، وفيه " ولا تمشوا " بدل " ولا تمشن ".
(٢) " حلية الأولياء " ٩ / ١٣، والنهي عن تمني الإنسان الموت لضر أصابه ثابت عنه صلى الله عليه وسلم من حديث أنس عند البخاري ١٠ / ١٠٧، ١٠٨، في المرض، ومسلم (٢٦٨٠) في الذكر والدعاء، وأبي داود (٣١٠٨) والترمذي (٩٧٠) ، والنسائي ٤ / ٣، ولفظه: " لا يتمنين أحدكم الموت من ضر أصابه، فإن كان لابد فاعلا فليقل: اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرا لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي ".
(٣) أخرجه الترمذي (٢٥٢٠) في أبواب صفة القيامة: باب اعقلها وتوكل، والنسائي ٨ / ٣٢٧، ٣٢٨، وأحمد ١ / ٢٠٠، وإسناده صحيح، وصححه الترمذي، وابن حبان (٥١٢) ، والخبر بطوله في " الحلية " ٩ / ١٣.
(٤) هو عمر بن عبد المنعم بن عمر بن عبد الله الثقة المعمر مسند وقته، قال المؤلف =