للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَالَ ابْنُ جَوْصَا الحَافِظُ: لَمْ نَزَلْ نَسْمَعُ أَنَّهُ مَنْ كَتَبَ مُصَنَّفَاتِ الوَلِيْدِ، صَلُحَ أَنْ يَلِيَ القَضَاءَ، وَمُصَنَّفَاتُهُ سَبْعُوْنَ كِتَاباً.

قُلْتُ: كُتُبُهُ أَجزَاءٌ، مَا أَظُنُّ فِيْهَا مَا يَبلُغُ مُجَلَّداً.

الفَسَوِيُّ: عَنِ الحُمَيْدِيِّ، قَالَ:

خَرَجْتُ يَوْمَ الصَّدَرِ، وَالوَلِيْدُ فِي مَسْجِدِ مِنَىً، وَعَلَيْهِ زِحَامٌ كَثِيْرٌ، وَجِئْتُ فِي آخِرِ النَّاسِ، فَوَقَفتُ بِالبُعْدِ، وَعَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ بِجَنْبِهِ، فَجَعَلُوا يَسْأَلُونَهُ، وَيُحَدِّثُهُم، وَأَنَا لاَ أَفْهُمُ، فَجَمَعتُ جَمَاعَةً مِنَ المَكِّيِّينَ، وَقُلْتُ لَهُم: جَلِّبُوا، وَأَفْسِدُوا عَلَى مَنْ بِالقُرْبِ مِنْهُ.

فَجَعَلُوا يَصِيْحُوْنَ، وَيَقُوْلُوْنَ: لاَ نَسْمَعُ، وَجَعَلَ ابْنُ المَدِيْنِيِّ يَقُوْلُ: اسْكُتُوا، نُسْمِعْكُم.

قَالَ: فَاعْتَرَضْتُ، وَصِحْتُ، وَلَمْ أَكُنْ بَعْدُ حَلَقْتُ، فَنَظَرَ ابْنُ المَدِيْنِيِّ إِلَيَّ وَلَمْ (١) يُثبِتْنِي، فَقَالَ: لَوْ كَانَ فِيْكَ خَيْرٌ، لَمْ يَكُنْ شَعرُكَ عَلَى مَا أَرَى.

قَالَ: فَتَفَرَّقُوا، وَلَمْ يُحَدِّثْهُم بِشَيْءٍ (٢) .

قَالَ أَبُو مُسْهِرٍ: كَانَ الوَلِيْدُ يَأْخُذُ مِنِ ابْنِ أَبِي السَّفَرِ حَدِيْثَ الأَوْزَاعِيِّ، وَكَانَ كَذَّاباً، وَالوَلِيْدُ يَقُوْلُ فِيْهَا: قَالَ الأَوْزَاعِيُّ.

قَالَ صَالِحُ بنُ مُحَمَّدٍ جَزَرَةُ: سَمِعْتُ الهَيْثَمَ بنَ خَارِجَةَ، قَالَ:

قُلْتُ لِلْوَلِيْدِ: قَدْ أَفسَدْتَ حَدِيْثَ الأَوْزَاعِيِّ!

قَالَ: وَكَيْفَ؟

قُلْتُ: تَروِي عَنِ الأَوْزَاعِيِّ عَنْ نَافِعٍ، وَعَنِ الأَوْزَاعِيِّ عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَعَنِ الأَوْزَاعِيِّ عَنْ يَحْيَى بنِ أَبِي كَثِيْرٍ، وَغَيْرُكَ يُدْخِلُ بَيْنَ الأَوْزَاعِيِّ وَبَيْنَ نَافِعٍ عَبْدَ اللهِ بنَ عَامِرٍ الأَسْلَمِيَّ، وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الزُّهْرِيِّ، قُرَّةَ وَغَيْرَهُ، فَمَا يَحْمِلُكَ عَلَى هَذَا؟

قَالَ: أُنَبِّلُ الأَوْزَاعِيَّ أَنْ يَرْوِيَ عَنْ مِثْلِ هَؤُلاَءِ الضُّعَفَاءِ. قُلْتُ: فَإِذَا رَوَى الأَوْزَاعِيُّ


(١) في الأصل " ومن " وما أثبتناه من " المعرفة والتاريخ ".
(٢) " المعرفة والتاريخ " للفسوي ٢ / ٤٢١، ٤٢٢.