للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَلَمَّا بَلَغَهُ مَوْتُ ابْنِ المُبَارَكِ، حَزِنَ عَلَيْهِ، وَجَلَسَ لِلْعَزَاءِ، فَعَزَّاهُ الأَكَابِرُ.

وَكَانَ يَقْتَفِي آثَارَ جَدِّهِ، إِلاَّ فِي الحِرْصِ.

قَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيْرُ: مَا ذَكَرْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيْنَ يَدَيِ الرَّشِيْدِ إِلاَّ قَالَ: صَلَّى اللهُ عَلَى سَيِّدِي.

وَرَوَيْتُ لَهُ حَدِيْثَهُ: (وَدِدْتُ أَنِّي أُقَاتِلُ فِي سَبِيْلِ اللهِ، فَأُقْتَلَ، ثُمَّ أَحْيَى، ثُمَّ أُقْتَلَ (١)) .

فَبَكَى حَتَّى انْتَحَبَ.

وَعَنْ خُرَّزَاذَ العَابِدِ، قَالَ: حَدَّثَ أَبُو مُعَاوِيَةَ الرَّشِيْدَ بِحَدِيْثِ (احْتَجَّ آدَمُ وَمُوْسَى (٢) ... ) ، فَقَالَ رَجُلٌ شَرِيْفٌ: فَأَيْنَ لَقِيَهُ؟

فَغَضِبَ الرَّشِيْدُ، وَقَالَ: النِّطْعَ وَالسَّيْفَ، زِنْدِيقٌ يَطعَنُ فِي الحَدِيْثِ.

فَمَا زَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ يُسَكِّنُهُ وَيَقُوْلُ: بَادِرَةٌ مِنْهُ يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ! حَتَّى سَكَنَ (٣) .

وَعَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ الضَّرِيْرِ، قَالَ: صَبَّ عَلَى يَدَيَّ بَعْدَ الأَكْلِ شَخْصٌ لاَ أَعْرِفُهُ.

فَقَالَ الرَّشِيْدُ: تَدْرِي مَنْ يَصُبُّ عَلَيْكَ؟

قُلْتُ: لاَ.

قَالَ: أَنَا؛ إِجْلاَلاً لِلْعِلْمِ (٤) .

وَعَنِ الأَصْمَعِيِّ: قَالَ لِي الرَّشِيْدُ وَأَمَرَ لِي بِخَمْسَةِ آلاَفِ دِيْنَارٍ:


(١) " تاريخ بغداد " ١٤ / ٧، والحديث قطعة من حديث طويل أخرجه من حديث أبي هريرة البخاري ٦ / ١٢ في الجهاد: باب تمني الشهادة، و١٣ / ١٨٧ في التمني: باب ما جاء في تمني الشهادة، ومسلم (١٨٧٦) (١٠٣) ، و (١٠٦) في الامارة: باب فضل الشهادة، وابن ماجة (٢٧٥٣) في الجهاد، وأحمد ٢ / ٢٣١، ٤٢٤.
(٢) أخرجه أحمد ٢ / ٢٨٧ و٣١٤، ورواه البخاري ١١ / ٤٤١ في القدر: باب تحاج آدم وموسى، ومسلم (٢٦٥٢) في القدر: باب حجاج آدم وموسى، ومالك ٢ / ٨٩٨ في القدر: باب النهي عن القول بالقدر، وأبو داود (٤٧٠١) في السنة: باب في القدر، والترمذي (٢١٣٤) في القدر، وابن ماجة في المقدمة (٨٠) كلهم من طريق أبي هريرة.
(٣) " تاريخ بغداد " ١٤ / ٧ - ٨، و" المعرفة والتاريخ " للفسوي ٢ / ١٨١.
(٤) " تاريخ بغداد " ١٤ / ٨.