للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خَزَائِنُ الأَمِيْنِ، حَتَّى بَاعَ الأَمْتِعَةَ، وَأَنْفَقَ فِي المُقَاتِلَةِ، وَمَا زَالَ أَمرُهُ فِي سِفَالٍ، وَدَثَرَتْ مَحَاسِنُ بَغْدَادَ، وَاسْتَأْمَنَ عِدَّةٌ إِلَى طَاهِرٍ، وَدَامَ الحِصَارُ وَالوَبَالُ خَمْسَةَ عَشَرَ شَهْراً (١) .

وَاسْتَفْحَلَ أَمرُ السُّفْيَانِيِّ بِالشَّامِ، ثُمَّ وَثَبَ عَلَيْهِ مَسْلَمَةُ الأُمَوِيُّ، فَقَيَّدَه، وَاسْتَبَدَّ بِالأَمْرِ، فَمَا بَلَعَ رِيقَهُ حَتَّى حَاصَرَهُمُ ابْنُ بَيْهَسٍ الكِلاَبِيُّ مُدَّةً، ثُمَّ نَصَبَ السَّلاَلِمَ عَلَى السُّوْرِ، وَأَخَذَ دِمَشْقَ، فَهَرَبَ السُّفْيَانِيُّ وَمَسْلَمَةُ فِي زِيِّ النِّسَاءِ إِلَى المِزَّةِ.

وَخَلَعَ الأَمِيْنَ: خُزَيْمَةُ بنُ خَازِمٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ مَاهَانَ، وَخَامَرَا إِلَى طَاهِرٍ (٢) .

ثُمَّ دَخَلَ طَاهِرٌ بَغْدَادَ عَنْوَةً، وَنَادَى: مَنْ لَزِمَ بَيْتَه، فَهُوَ آمِنٌ.

وَحَاصَرُوا الأَمِيْنَ فِي قُصُوْرِه أَيَّاماً، ثُمَّ رَأَى أَنْ يَخْرُجَ عَلَى حَمِيَّةٍ لَيْلاً، وَفَعَلَ، فَظَفِرُوا بِهِ وَهُوَ فِي حَرَّاقَةٍ (٣) ، فَشَدَّ عَلَيْهِ أَصْحَابُ طَاهِرٍ فِي الزَّوَارِيقِ (٤) ، وَتَعَلَّقُوا بِحَرَّاقَتِهِ، فَنُقِبَتْ، وَغَرِقَتْ، فَرَمَى الأَمِيْنُ بِنَفْسِهِ فِي المَاءِ، فَظَفِرَ بِهِ رَجُلٌ، وَذَهَبَ بِهِ إِلَى طَاهِرٍ، فَقَتَلَهُ، وَبَعَثَ بِرَأْسِهِ إِلَى المَأْمُوْنِ - فَإِنَّا للهِ - وَلَمْ يُسَرَّ المَأْمُوْنُ بِمَصْرَعِ أَخِيْهِ (٥) .

وَفِي تَارِيْخِنَا عَجَائِبُ وَأَشعَارٌ لَمْ أَنْشَطْ هُنَا لاسْتِيعَابِهَا.


(١) انظر خبر حصار الامين ببغداد مطولا في " تاريخ الطبري " ٨ / ٤٤٥، وابن الأثير ٦ / ٢٧١، وابن كثير ١٠ / ٢٣٨، وانظر دول الإسلام ١ / ١٢٣.
(٢) " الطبري " ٨ / ٤٧٢، وابن الأثير ٦ / ٢٧٨، وابن كثير ١٠ / ٢٤٠.
(٣) الحراقة: ضرب من السفن بالبصرة، فيها مرامي نيران يرمى بها العدو في البحر
(٤) هي القوارب الصغار.
(٥) انظر خبر مقتل الامين مطولا في " الطبري " ٨ / ٤٧٨، وابن الأثير ٦ / ٢٨٢، وابن كثير ١٠ / ٢٤٠.