فقالت له أمه: الحق أي بني فقد أخرت. قالت عائشة: فقلت لها: يا أم سعد لوددت أن
درع سعد كانت أسبغ مما هي. فرمي سعد بسهم قطع منه الأكحل، ورماه ابن العرقة فلما أصابه قال: خذها مني وأنا ابن العرقة. فقال له سعد: عرق الله وجهك في النار، اللهم إن كنت أبقيت من حرب قريش شيئا فأبقني لها فإنه لا قوم أحب إليَّ من أن أجاهدهم فيك من قوم آذوا رسولك وكذبوه وأخرجوه، اللهم إن كنت وضعت الحرب بينهم وبيننا فاجعله لي شهادة ولا تمتني حتى تقر عيني من بني قريظة.
وكانت صفية بنت عبد المطلب في فارع -حصن حسان بن ثابت- وكان معها فيه مع النساء والولدان، قالت: فمر بنا يهودي فجعل يطيف بالحصن، وقد حاربت بنو قريظة ونقضت وليس بيننا وبينهم أحد يدفع عنا، والنبي صلى الله عليه وسلم والمسلمون في نحور عدوهم لا يستطيعون أن ينصرفوا عنهم إلينا. فقالت: يا حسان! إن هذا اليهودي كما ترى يطيف بالحصن, وإني والله ما آمنه أن يدل على عورتنا من وراءنا من يهود، وقد شغل عنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فانزل إليه فاقتله. فقال: غفر الله لك يا ابنة عبد المطلب، والله لقد عرفت ما أنا بصاحب هذا. فلما قال لي ذلك ولم أر عنده شيئا احتجزت ثم أخذت عمودا ونزلت من الحصن إليه فضربته بالعمود حتى قتلته. فلما فرغت رجعت إلى الحصن فقلت: يا حسان انزل إليه فاسلبه، فإنه لم يمنعني من سلبه إلا أنه رجل قال: ما لي بسلبه من حاجة.