للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَكَانَ أَخُوْهَا القَاسِمُ رَجُلاً صَالِحاً، زَاهِداً، خَيِّراً، سَكَنَ نَيْسَابُوْرَ، وَلَهُ بِهَا عَقِبٌ، مِنْهُم السَّيِّدُ العَلَوِيُّ الَّذِي يَرْوِي عَنْهُ الحَافِظُ البَيْهَقِيُّ.

وَقِيْلَ: كَانَتْ مِنَ الصَّالِحَاتِ العَوَابِدِ، وَالدُّعَاءُ مُسْتَجَابٌ عِنْدَ قَبْرِهَا، بَلْ وَعِنْدَ قُبُوْرِ الأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِيْنَ (١) ، وَفِي المَسَاجِدِ، وَعَرَفَةَ وَمُزْدَلِفَةَ، وَفِي السَّفَرِ المُبَاحِ، وَفِي الصَّلاَةِ، وَفِي السَّحَرِ، وَمِنَ الأَبَوَيْنِ، وَمِنَ الغَائِبِ لأَخِيْهِ، وَمِنَ المُضْطَّرِ، وَعِنْدَ قُبُوْرِ المُعَذَّبِيْنَ (٢) ، وَفِي كُلِّ وَقْتٍ وَحِيْنٍ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ: ادْعُوْنِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} .

وَلاَ يُنْهَى الدَّاعِي عَنِ الدُّعَاءِ فِي وَقْتٍ إِلاَّ وَقْتَ الحَاجَةِ، وَفِي الجِمَاعِ، وَشِبْهِ ذَلِكَ.

وَيَتَأَكَّدُ الدُّعَاءُ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ، وَدُبُرَ المَكْتُوْبَاتِ، وَبَعْدَ الأَذَانِ (٣) .


= المغالاة في القبور وأصحابها، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بتسوية القبور وطمسها، والمغالاة في البشر حرام، ومن زعم أنها تفك من الخشب، أو أنها تنفع أو تضر بغير مشيئة الله فهو مشرك، رحمها الله وأكرمها.
(١) لم يثبت عنه صلى الله عليه وسلم شيء في كون الدعاء مستجابا عند قبور الأنبياء والصالحين، والسلف الصالح لا يعرف عنهم أنهم كانوا يقصدون قبور الأنبياء والصالحين للدعاء عندهم، ويرى ابن الجزري في " الحصن الحصين " أن استجابة الدعاء عند قبور الأنبياء والصالحين ثبتت بالتجربة، وأقره عليه الشوكاني في " تحفة الذاكرين " ص ٤٦ لكن قيده بشرط ألا تنشأ عن ذلك مفسدة وهي أن يعتقد في ذلك الميت ما لا يجوز اعتقاده كما يقع لكثير من المعتقدين في القبور، فإنهم قد يبلغون الغلو بأهلها إلى ما هو شرك بالله عزوجل فينادونهم مع الله، ويطلبون منهم ما لا يطلب إلا من الله عزوجل، وهذا معلوم من أحوال كثير من العاكفين على القبور خصوصا العامة الذين لا يفطنون لدقائق الشرك.
(٢) أخرج البخاري برقم (٤٤٢٠) و (٤٧٠٢) ومسلم (٢٩٨٠) من حديث عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحاب الحجر - أي: في شأنهم، وكان هذا في غزوة تبوك -: " لا تدخلوا على هؤلاء المعذبين إلا أن تكونوا باكين أن يصيبكم مثل ما أصابهم " وفي رواية: لما مر النبي صلى الله عليه وسلم بالحجر قال: " لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم الا أن تكونوا باكين حذرا أن يصيبكم مثل ما أصابهم " ثم قنع رأسه، وأسرع السير حتى أجاز الوادي.
(٣) انظر أدلة ذلك في " تحفة الذاكرين " ٤٦ - ٥٠