للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رَجُلٌ غَرِيْبٌ بِيَدِهِ مِحْبَرَةٌ إِلَى المَأْمُوْنِ، فَقَالَ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ! صَاحِبُ حَدِيْثٍ، مُنْقَطِعٌ بِهِ.

فَقَالَ: مَا تَحْفَظُ فِي بَابِ كَذَا وَكَذَا؟

فَلَمْ يَذْكُرْ شَيْئاً.

فَقَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، وَحَدَّثَنَا يَحْيَى، وَحَدَّثَنَا حَجَّاجُ بنُ مُحَمَّدٍ حتَّى ذَكَرَ البَابَ، ثُمَّ سأَلَهُ عَنْ بَابٍ آخرَ، فَلَمْ يَذْكُرْ شَيْئاً.

فَقَالَ: حَدَّثَنَا فُلاَنٌ، وَحَدَّثَنَا فُلاَنٌ، ثُمَّ قَالَ لأَصْحَابِهِ: يَطْلُبُ أَحَدُهُم الحَدِيْثَ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ ثُمَّ يَقُوْلُ:

أَنَا مِنْ أَصْحَابِ الحَدِيْثِ، أَعْطُوْهُ ثَلاَثَةَ دَرَاهِمٍ (١) .

قُلْتُ: وَكَانَ جَوَاَداً، مُمَدَّحاً، مِعَطَاءً، وَرَدَ عَنْهُ أَنَّهُ فَرَّقَ فِي جلسَةٍ سِتَّةً وَعِشْرِيْنَ أَلْفَ أَلفِ دِرْهَمٍ، وَكَانَ يَشْرَبُ نَبِيْذَ الكُوْفَةِ.

وَقِيْلَ: بَلْ يَشْرَبُ الخَمْرَ (٢) ، فَاللهُ أَعْلَمُ.

وَقِيْلَ: إِنَّهُ أَعْطَى أَعْرَابِيّاً مَدَحَهُ ثَلاَثِيْنَ أَلْفَ دِيْنَارٍ.

مَسْرُوْقُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الكِنْدِيُّ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ المُنْذِرِ الكِنْدِيُّ، جَارٌ لِعَبْدِ اللهِ بنِ إِدْرِيْسَ، قَالَ:

حَجَّ الرَّشِيْدُ، فَدَخَلَ الكُوْفَةَ، فَلَمْ يتَخَلَّفْ إِلاَّ ابْنُ إِدْرِيْسَ، وَعِيْسَى بنُ يُوْنُسَ، فَبَعَثَ إِلَيْهِمَا الأَمِيْنَ وَالمَأْمُوْنَ، فَحَدَّثَهُمَا ابْنُ إِدْرِيْسَ بِمائَةِ حَدِيْثٍ.

فَقَالَ المَأْمُوْنُ: يَا عمّ! أَتَأَذنُ لِي أَنْ أُعِيْدَهَا حِفْظاً؟

قَالَ: افعلْ.

فَأَعَادَهَا، فَعَجِبَ مِنْ حِفْظِهِ (٣) ، وَمَضَيَا إِلَى عِيْسَى، فَحَدَّثَهُمَا.

فَأَمَرَ لَهُ المَأْمُوْنُ بشعرَةِ آلاَفِ دِرْهَمٍ، فَأَبَى، وَقَالَ: وَلاَ شربَةَ مَاءٍ عَلَى حَدِيْثِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.


(١) " فوات الوفيات " ٢ / ٢٣٧، و" تاريخ الخلفاء " ٣٣١ - ٣٣٢.
(٢) تصدير المصنف هذا الخبر ب " قيل " يشعر بوهائه وعدم صحته، فليتقطن لهذا الذين ينقلون الاخبار دونما تمييز، فيقولون المترجم ما لم يقله، أو ينسبون إليه ما هو برئ منه براءة الذئب من دم يوسف.
(٣) " تاريخ الخلفاء " ص ٣٢٧.