للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقِيْلَ: أُدْخِلَ خَارِجِيٌّ عَلَى المَأْمُوْنِ، فَقَالَ: مَا حَمَلَكَ عَلَى الخِلاَفِ؟

قَالَ: قَوْلُهُ: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ فَأُوْلِئَكَ هُمُ الكَافِرُوْنَ} .

قَالَ: أَلَكَ عِلْمٌ بِأَنَّهَا مُنْزَلَةٌ؟

قَالَ: نَعَمْ.

قَالَ: وَمَا دَلِيْلُكَ؟

قَالَ: إِجْمَاعُ الأُمَّةِ.

قَالَ: فَكَمَا رَضِيتَ بِإِجْمَاعِهِم فِي التَّنْزِيلِ، فَارْضَ بِإِجْمَاعِهِم فِي التَّأْوِيْلِ.

قَالَ: صَدَقْتَ، السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ (١) !

الغَلاَبِيُّ: حَدَّثَنَا مَهْدِيُّ بنُ سَابِقٍ، قَالَ:

دَخَلَ المَأْمُوْنُ دِيوَانَ الخَرَاجِ، فَرَأَى غُلاَماً جَمِيْلاً، عَلَى أُذُنِهِ قَلَمٌ، فَأَعْجَبَهُ جَمَالُهُ، فَقَالَ: مَنْ أَنْتَ؟

قَالَ: النَّاشِئُ فِي دَوْلَتِكَ، وَخِرِّيجُ أَدَبِكَ، وَالمُتَقَلِّبُ فِي نِعْمَتِكَ يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ، حَسَنُ بنُ رَجَاءَ.

فَقَالَ: يَا غُلاَمُ! بِالإِحْسَانِ فِي البَدِيْهَةِ تَفَاضَلَتِ العُقُوْلُ.

ثُمَّ أَمَرَ بِرَفْعِ رُتْبَتِهِ، وَأَمَرَ لَهُ بِمائَةِ أَلفٍ.

وَعَنِ المَأْمُوْنِ، قَالَ: أَعْيَانِي جَوَابُ ثَلاَثَةٍ:

صِرْتُ إِلَى أُمِّ ذِي الرِّيَاسَتَينِ الفَضْلِ بنِ سَهْلٍ أُعَزِّيهَا فِيْهِ، وَقُلْتُ: لاَ تَأْسَيْ عَلَيْهِ، فَإِنِّي عِوَضُهُ لَكِ.

قَالَتْ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ! وَكَيْفَ لاَ أَحزَنُ عَلَى وَلَدٍ أَكْسَبَنِي مِثْلَكَ.

قَالَ: وَأُتِيْتُ بِمُتَنَبِّئٍ، فَقُلْتُ: مَنْ أَنْتَ؟

قَالَ: أَنَا مُوْسَى بنُ عِمْرَانَ.

قُلْتُ: وَيْحَكَ! مُوْسَى كَانَتْ لَهُ آيَاتٌ، فَائْتِنِي بِهَا حَتَّى أُومِنَ بِكَ.

قَالَ: إِنَّمَا أَتَيْتُ بِالمُعجِزَاتِ فِرْعَوْنَ، فَإِنْ قُلْتَ: أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى كَمَا قَالَ، أَتَيْتُكَ بِالآيَاتِ.

وَأَتَى أَهْلُ الكُوْفَةِ يَشْكُوْنَ عَامِلَهُم، فَقَالَ خَطِيْبُهُم: هُوَ شَرُّ عَامِلٍ،


(١) " تاريخ بغداد " ١٠ / ١٨٦، و" تاريخ الخلفاء " ٣١٩ - ٣٢٠.