للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مَسِيْرَةُ شَهْرٍ.

ثُمَّ أَتى أَحْمَدُ بنُ أَبِي دُوَادَ مُتَنَكِّراً فِي اللَّيْلِ، فَشَاهدَ بَابَكَ، ثُمَّ أَعْلَمَ المُعْتَصِمَ، فَمَا صَبَرَ، وَأَتَاهُ مُتَنَكِّراً، فَتَأَمَّلَهُ (١) .

وَكَانَ هَذَا الشَّقِيُّ ثِنْوِيّاً (٢) ، عَلَى دِيْنِ مَانِي وَمَزْدَكَ، يَقُوْلُ بِتَنَاسُخِ الأَروَاحِ، وَيَستَحِلُّ البِنْتَ وَأُمَّهَا (٣) .

وَقِيْلَ: كَانَ وَلَدَ زِنَىً، وَكَانَتْ أُمُّهُ عَوْرَاءَ، يُقَالُ لَهَا: رُوْمِيَّةُ العِلْجَةُ، وَكَانَ عَلِيُّ بنُ مَزْدَكَانَ يَدَّعِي أَنَّهُ زَنَى بِهَا، وَبَابَكُ مِنْهُ.

وَقِيْلَ: كَانَتْ صُعْلُوكَةً مِنْ قُرَى أَذْرَبِيْجَانَ، فَزَنَى بِهَا نَبَطِيٌّ، فَحَمَلَتْ مِنْهُ بِبَابَكَ، فَرُبِّيَ بَابَكُ أَجِيْراً فِي القَريَةِ.

وَكَانَ هُنَاكَ قَوْمٌ مِنَ الخُرَّمِيَّةِ لَهُم كَبِيْرَانِ: جَاوَنْدَانُ (٤) وَعِمْرَانُ، فَتَفَرَّسَ جَاوَنْدَانُ النَّجَابَةَ (٥) فِي بَابَكَ، فَاكْتَرَاهُ مِنْ أُمِّهِ، فَهَوِيَتْهُ زَوْجَةُ جَاوَنْدَانَ، وَأَطلَعَتْهُ عَلَى الأَسْرَارِ.

ثُمَّ قُتِلَ زَوْجُهَا فِي مُحَاربَةٍ لابْنِ عَمِّهِ، فَزَعَمَتْ أَنَّ زَوْجَهَا اسْتَخلَفَ بَابَكَ، فَصَدَّقَهَا الجَمِيْعُ.

فَأَمرَهُم أَنْ يَقْتُلُوا مَنْ وَجَدُوهُ فِي اللَّيْلِ، فَأَصبَحَ عِدَّةُ قَتْلَى، وَانضَافَ إِلَيْهِم كُلَّ شِرِّيرٍ وَقَاطعِ طَرِيْقٍ، وَصَارَ أَمرُ بَابَكَ إِلَى مَا صَارَ، وَكَانَتْ دَولَتُهُ عِشْرِيْنَ سَنَةً، بَلْ أَزْيَدَ، وَكَانَ مَعَهُ نَحْوٌ مِنْ عِشْرِيْنَ أَلْفَ مُقَاتِلٍ فَارِغِيْنَ مِنَ الدِّيْنِ، وَبَعْضُهُم زَنَادِقَةٌ، وَقَتَلُوا، وَسَبَوْا، وَأَخَذُوا الحُصُونَ (٦) .


(١) " تاريخ الطبري " ٩ / ٥٢.
(٢) انظر " الملل والنحل " ١ / ٢٤٤.
(٣) انظر " الوافي بالوفيات " ١٠ / ٦٥، و" الفرق بين الفرق " ص ٢٥١، ٢٥٢، و" الكامل " لابن الأثير ٦ / ٣٢٨، و" الأنساب " للسمعاني ٢ / ١٣.
(٤) في " الكامل " و" الوافي بالوفيات ": جاويدان.
(٥) في الأصل: " النجائر " وهو خطأ، وفي " الوافى بالوفيات ": " الجلادة ".
(٦) " الوافي بالوفيات " ١٠ / ٦٢.