للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَالَ إِبْرَاهِيْمُ نِفْطَوَيْه: حَدَّثَنَا حَامِدُ بنُ العَبَّاسِ، عَنْ رَجُلٍ، عَنِ المُهْتَدِي بِاللهِ:

أَنَّ الوَاثِقَ مَاتَ وَقَدْ تَابَ عَنِ القَوْلِ بِخَلْقِ القُرْآنِ (١) .

قَالَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا: كَانَ أَبْيَضَ، تَعْلُوْهُ صُفْرَةٌ، حَسَنَ اللِّحْيَةِ، فِي عَيْنِهِ نُكْتَةٌ (٢) .

قُلْتُ: وَكَانَ وَافِرَ الأَدَبِ.

قِيْلَ: إِنَّ جَارِيَةً غَنَّتْهُ شِعْرَ العَرْجِيِّ (٣) :

أَظَلُوْمُ إِنَّ مُصَابَكُم رَجُلاً ... رَدَّ السَّلاَمَ تَحِيَّةً ظُلْمُ

فَمَنِ الحَاضِرِيْنَ مَنْ صَوَّبَ نَصْبَ (رَجُلاً) ، وَمِنْهُم مَنْ رَفَعَ.

فَقَالَتْ: هَكَذَا لَقَّنَنِي المَازِنِيُّ.

فَطَلَبَ المَازِنِيَّ، فَلَمَّا مَثُلَ بَيْنَ يَدَيْهِ، قَالَ: مِمَّن الرَّجُلُ؟

قَالَ: مِنْ مَازِنٍ.

قَالَ: أَيُّ المَوَازِنِ؛ أَمَازِنُ تَمِيْمٍ؟ أَمْ مَازِنُ قَيْسٍ؟ أُم مَازِنُ رَبِيْعَةَ؟

قُلْتُ: مَازِنُ رَبِيْعَةَ.

فَكَلَّمَنِي حِيْنَئِذٍ بِلُغَةِ قَوْمِي.

فَقَالَ: با اسْمُكَ؟ - لأَنَّهُم يَقْلِبُوْنَ المِيمَ باءً، وَالبَاءَ مِيماً - فَكَرِهْتُ أَنْ أُوَاجِهَهُ بِـ (مكر) .

فَقُلْتُ: بَكْرٌ يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ.

فَفَطِنَ لَهَا، وَأَعْجَبَتْه، قَالَ: مَا تَقُوْلُ فِي هَذَا البَيْتِ؟

قُلْتُ: الوَجْهُ النَّصْبُ، لأَنَّ (مُصَابَكُم) مَصْدَرٌ بِمَعْنَى: (إِصَابَتِكُم) ، فَعَارَضَنِي ابْنُ اليَزِيْدِيِّ.

قُلْتُ: هُوَ بِمَنْزِلَةِ إِنَّ


(١) " تاريخ بغداد " ١٤ / ١٨، و" فوات الوفيات " ٤ / ٢٢٩.
(٢) " تاريخ بغداد " ١٤ / ٢١، و" فوات الوفيات " ٤ / ٢٢٨.
(٣) وكذا نسبه ابن خلكان ١ / ٢٨٤، والحريري في " درة الغواص ": ٤٣ إلى العرجي، وهو في " ديوانه ": ١٩٣، ونسبه صاحب " الاغاني " ٩ / ٢٣٤ إلى الحارث بن خالد المخزومي، ونقله عنه ياقوت في " معجم الأدباء " ٧ / ١١١، وقال الصلاح الصفدي في " الوافي " ١٠ / ٢١٢ بعد أن نقل نسبته إلى العرجي عن المبرد: وقال آخرون - وهو الصحيح -: إنه للحارث بن خالد المخزومي من أبيات أولها:
أقوى من ال ظليمة الحزم * فالعنزتان فأوحش الخطم
وبعد البيت المذكور: أقصيته وأراد سلمكم * فليهنه إذ جاءك السلم