بعض خيولهم فأشرف في ناحية من سَلع، ثم صرخ: واصباحاه، ثم خرج يشتد في آثار القوم، وكان مثل السَّبُع، حتى لحق بالقوم. وجعل يردهم بنبله، فإذا وجهت الخيل نحوه هرب ثم عارضهم فإذا أمكنه الرمي رمى. وبلغ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذلك فصرخ بالمدينة:"الفزع الفزع". فترامت الخيول إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: المقداد، وعباد بن بشر، وأسيد بن ظهير، وعكاشة بن محصن وغيرهم. فأمَّر عليهم سعد بن زيد، ثم قال: اخرج في طلب القوم حتى ألحقك بالناس، وقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيما بلغني -لأبي عياش:"لو أعطيت فرسك رجلًا أفرس منك"؟ فقلت: يا رسول الله أنا أفرس الناس. وضربت الفرس فوالله ما مشى بي إلا خمسين ذراعًا حتى طرحني فعجبت أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:"لو أعطيته أفرس منك وجوابي له".
ولم يكن سلمة بن الأكوع يومئذ فارسًا، وكان أول من لحق القوم على رجليه. وتلاحق الفرسان في طلب القوم، فأول من أدركهم محرز بن نضلة الأسدي، فأدركهم ووقف لهم بين أيديهم ثم قال: قفوا يا معشر بني اللكيعة حتى يلحق بكم من وراءكم من المسلمين. فحمل عليه رجل منهم فقتله، ولم يُقْتَل من المسلمين سواه.
قال عبد الملك بن هشام: وقتل يومئذ من المسلمين وقاص بن مجزز المدلجي.
وقال البكائي، عن ابن إسحاق: حدثني من لا أتهم عن عبد الله بن كعب بن مالك، أن مجززًا إنما كان على فرس عكاشة يقال له: