للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقِيْلَ: سَمِعَهُ رَجُلٌ يَقُوْلُ:

اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعلَمُ أَنَّ الذُّلَّ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ العِزِّ، وَأَنَّ الفَقْرَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الغِنَى، وَأَنَّ المَوْتَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ البَقَاءِ.

وَعَنْهُ، قَالَ: قَدْ يَكُوْن الرَّجُلُ مُرَائِياً بَعْدَ مَوْتِه، يُحِبُّ أَنْ يَكْثُرَ الخَلْقُ فِي جِنَازَتِهِ (١) .

لاَ تَجِدُ حَلاَوَةَ العِبَادَةِ حَتَّى تَجعَلَ بَينَكَ وَبَيْنَ الشَّهَوَاتِ سُدّاً (٢) .

أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ عُلْوَانَ، أَخْبَرَنَا الإِمَامُ مُوَفَّقُ الدِّيْنِ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ سَنَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ وَسِتِّ مائَةٍ، قَالَ:

حَدَّثَنِي ابْنِي؛ أَبُو المَجْدِ عِيْسَى، أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ بنُ المَعْطُوْشِ، أَخْبَرَنَا أَبُو الغَنَائِمِ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ البَرْمَكِيُّ، أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الزُّهْرِيُّ، حَدَّثَنِي حَمْزَةُ بنُ الحُسَيْنِ البَزَّازُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنِي حَمْزَةُ بنُ دِهْقَانَ، قَالَ:

قُلْتُ لِبِشْرِ بنِ الحَارِثِ: أُحِبُّ أَنْ أَخلُوَ مَعَكَ.

قَالَ: إِذَا شِئْتَ، فَيَكُوْنُ يَوْماً.

فَرَأَيْتهُ قَدْ دَخَلَ قُبَّةً، فَصَلَّى فِيْهَا أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ لاَ أُحسِنُ أُصَلِّيَ مِثْلَهَا، فَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ فِي سُجُوْدِهِ:

اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعلَمُ فَوْقَ عَرشِكَ أَنَّ الذُّلَّ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الشَّرَفِ، اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعلَمُ فَوْقَ عَرشِكَ أَنَّ الفَقْرَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الغِنَى، اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ فَوْقَ عَرشِكَ أَنِّي لاَ أُوْثِرُ عَلَى حُبِّكَ شَيْئاً.

فَلَمَّا سَمِعْتُه، أَخَذَنِي الشَّهِيقُ وَالبُكَاءُ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ أَنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي لَوْ أَعْلَمُ أَنَّ هَذَا هَا هُنَا، لَمْ أَتَكَلَّمْ.

قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ المُثَنَّى صَاحِبُ بِشْرٍ،


(١) أورد كثيرا من أقواله أبو نعيم في " الحلية " ٨ / ٣٢٦ - ٣٥٥، وابن الملقن في " طبقات الأولياء ": ١١٠ - ١١٨.
(٢) " طبقات الصوفية ": ٤٣.