للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَالَ أَبُو عُمَرَ بنُ عَبْدِ البَرِّ: قَدِمَ يَحْيَى بنُ يَحْيَى الأَنْدَلُسَ بِعِلمٍ كَثِيْرٍ، فَعَادَتْ فُتْيَا الأَنْدَلُسِ بَعْدَ عِيْسَى بنِ دِيْنَارٍ الفَقِيْهِ عَلَيْهِ، وَانْتَهَى السُّلْطَانُ وَالعَامَّةُ إِلَى رَأْيِهِ، وَكَانَ فَقِيْهاً، حَسَنَ الرَّأْيِ، وَكَانَ لاَ يَرَى القُنُوتَ فِي الصُّبْحِ، وَلاَ فِي سَائِرِ الصَّلَوَاتِ، وَيَقُوْلُ:

سَمِعْتُ اللَّيْثَ بنَ سَعْدٍ، يَقُوْلُ:

سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ سَعِيْدٍ الأَنْصَارِيَّ يَقُوْلُ:

إِنَّمَا قَنَتَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَحْواً مِنْ أَرْبَعِيْنَ يَوْماً يَدْعُو عَلَى قَوْمٍ، وَيَدْعُو لآخَرِيْنَ (١) .

قَالَ: وَكَانَ اللَّيْثُ لاَ يَقْنُتُ (٢) .

ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَبْدِ البَرِّ: وَخَالَفَ يَحْيَى بنُ يَحْيَى مَالِكاً فِي اليَمِيْنِ مَعَ الشَّاهِدِ، فَلَمْ يَرَ القَضَاءَ بِهِ، وَلاَ الحُكْمَ (٣) ، وَأَخَذَ بِقَولِ اللَّيْثِ بنِ سَعْدٍ (٤) .

قَالَ: وَكَانَ يَرَى جَوَازَ كِرَاءِ الأَرْضِ بِجُزْءٍ مِمَّا يَخْرُجُ مِنْهَا، عَلَى مَذْهَبِ اللَّيْثِ، وَيَقُوْلُ:

هِيَ سُنَّةُ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي خَيْبَرَ (٥) .


(١) انظر في ذلك حديث أنس بن مالك عند البخاري ٢ / ٤٠٨ و٤٠٩ في الوتر، و٣ / ١٣٥ في الجنائز، و٦ / ١٩٥ في الخمس، و٧ / ٢٩٦، ٣٠١ في المغازي، و١١ / ١٦٣ في الدعوات، ومسلم (٦٧٧) (٢٩٧) و (٢٩٨) و (٢٩٩) و (٣٠٠) و (٣٠١) و (٣٠٢) و (٣٠٣) و (٣٠٤) ، وأبي داود (١٤٤٤) و (١٤٤٥) ، والنسائي ٢ / ٢٠٠، و" جامع الأصول " ٥ / ٣٨٤، ٣٨٥ و٨ / ٢٦٠، ٢٦٣.
(٢) " الانتقاء " ص ٥٩.
(٣) والصواب مع مالك في هذه المسألة، فقد ثبت من حديث ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى باليمين مع الشاهد، أخرجه مسلم (١٧١٢) ، والشافعي ٢ / ٢٣٤، وله شاهد من حديث أبي هريرة عند الترمذي (١٣٤٤) وابن ماجه (٢٣٦٩) ، وآخر من حديث علي عند الدارقطني ص ٥١٦.
وانظر خلاف العلماء في هذه المسألة في " شرح السنة " ١٠ / ١٠٢، ١٠٤، و" المغني " لابن قدامة ٩ / ١٤٩، ١٥٠، و" نيل الاوطار " ٨ / ٣١٨ - ٣٢٣، و" الطرق الحكمية " ص ٦٦ - ٧٥.
(٤) " الانتقاء " ص ٥٩ وتمامه: وقال: لا بد من شهادة رجلين أو رجل وامرأتين.
(٥) أخرج البخاري ٤ / ٣٧٩ في الاجارة: باب إذا استأجر أرضا فمات أحدهما، وفي المزارعة: باب المزارعة بالشطر ونحوه، ومسلم (١٥٥١) في أول المساقاة من حديث ابن عمر قال: أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر ليهود أن يعملوها ويزرعوها ولهم شطر ما يخرج منها. وانظر " شرح السنة " ٨ / ٢٥٣.